قوّة الوسط.. واجبات ألمانيا الجديدة في أوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

خرجت ألمانيا مدمّرة من الحرب العالمية الثانية. لكن الألمان قرروا النهوض ببلادهم لتصبح خلال سنوات القوّة الاقتصادية الأولى في القارّة الأوروبية. لكن قوّتها ظلّت محصورة على هذا الصعيد حيث إن اتفاقيات وقف تلك الحرب فرضت عليها، كما على اليابان، عدم امتلاك جيش يمكنه تهديد الآخرين والابتعاد عن التسلّح.

ويبدو أن أحلام القوّة ولعب دور مركزي على صعيد القارّة الأوروبية، بل وعلى صعيد العالم، لم تغادر نهائياً مخيلة الكثير من الألمان. هذا بالتحديد ما يطوّره «هيرفريد مونكلر»، المؤرخ والمفكّر السياسي الأستاذ في جامعة برلين والذي يطلق عليه كُثر توصيف «منظّر الإمبريالية الألمانية المعاصرة»، في كتابه الذي يحمل عنوان :«قوّة الوسط : واجبات ألمانيا الجديدة في أوروبا».

عن هذه الواجبات يكتب المؤلف أن ألمانيا هي «القوّة المركزية الأوروبية التي عليها مهمّة تطويع القوى المحيطية التي تتنامى إلى حد كبير داخل الاتحاد الأوروبي، وأن تجمع المصالح المختلفة لشمال القارّة وجنوبها، وتجمع الأوروبيين الشرقيين والغربيين ، هذا في الوقت التي تبحث فيه عن صياغة نهج مشترك».

الوجه الآخر الصريح الذي يعلنه مؤلف الكتاب هو اقتراب أطروحاته من الدعوة لإحياء الدولة الوطنية والسيادة الوطنية. هذا في الوقت الذي يركّز فيه مشروع مسيرة التوحيد الأوروبي، متمثّلة في الاتحاد الأوروبي الذي يضم اليوم 27 دولة، في أن تتخلّى الدول الأوروبية عن قسم كبير من سيادتها الوطنية لصالح تقوية ركائز الصوت الأوروبي الموحّد.

تجدر الإشارة إلى أن الفصل الأوّل من هذا الكتاب مكرّس تحديداً لتحليل الوضع الحقيقي الذي يعيشه الاتحاد الأوروبي حاليا.

ويصل مؤلف الكتاب إلى التأكيد أن ألمانيا وحدها هي القادرة على أن تقوم بمهمة «قيادة» أوروبا. ويبدي بالوقت نفسه نوعاً من التراجع حيال إمكانية تحقيق المشروع «الألماني» لقيادة أوروبا على المدى القصير على الأقل.

ذلك أنه يرى في الاتحاد الأوروبي بالصيغة القائمة اليوم «إطاراً فضفاضاً» يتسم بـ «قدر كبير من التنافر» بين مختلف مكوناته ــ دوله. في مثل هذا الوضع يرى «مونكلر» أن ما هو متاح اليوم هو العمل على تعزيز وتدعيم ما تمّ التوصّل له.

وكتاب يدرس فيه مؤلفه إجمالاً «الدور الجيوسياسي» الذي ينبغي على ألمانيا أن تلعبه «مستقبلًا» على الصعيد الأوروبي من موقعها الجغرافي في «وسط أوروبا»، كما يشير العنوان.

Email