رفضت تسجيل براءة اختراعها باسمها

ماري كوري مكانة استثنائية لنموذج أوروبي جامع

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ماري كوري هي احدى أبرز رموز العلم الحديث. هذا ما نتج عن عملية استطلاع للرأي قامت بها مجلّة «العلم الجديد ــ نيو سيانتيست» عام 2009 عندما طالبت قرّاءها بأن يجيبوا على السؤال التالي: «من هي المرأة العاملة في حقل العلوم التــــي تركت أكبر أثر في جميع الأزمنة».

فكيف غدت «ماري كوري» في تلك المرتبة الاستثنائية؟ وما هي العوامل التي صنعت شهرتها وموقعها العلمي الفريد؟ على هذين السؤالين وما يمكن أن يدور حولهما من أسئلة تقدّم «أيفا هيمنـــغز ويرتن»، أستاذة ثقافة الإعلام في جامعة لينكوبينغ في السويد، الإجابة بكتاب يحمل عنوان «كيف نجحت ــ صناعة ــ ماري كوري، الملكية الفكرية والشـــهرة الثقافية في عصر المعلومات».

تشرح المؤلفة في الصفحات الأولى من الكتاب المكانة الاستثنائية التي شغلتها ماري كوري في المشهد العلمي العالمي الحديث. فهي المرأة الأولى التي تنال جائزة نوبل الشهيرة..

وهي أيضا الشخصيّة الوحيدة، حتى اليوم، التي نالت هذه الجائزة في عدّة مشارب علمية، ثمّ هي الرمز العلمي الذي لا يزال يتكرر اسمه في المدارس بمختلف أنحاء العالم. هذا فضلا عن سلسلة من الإنجازات العلمية التي قامت بها وكانت في أصل العديد من الاختراعات.

وإذا كانت مؤلفة الكتاب تولي الكثير من الاهتمام، وتلقي أضواء جديدة، في هذا العمل على المسيرة الشخصيّة والمهنية لماري كوري وعلى إنجازاتها العلمية وآثارها على المسيرة العلمية في العصر الحديث مما يجعل منها أيقونة علمية حقيقية يحق للأمّتين البولندية والفرنسية الاعتزاز بها..

فإنها تحاول أيضا الإجابة على العديد من الأسئلة الخاصّة بحقيقة من كان وراء اكتشاف مادّة اليورانيوم المشعّة ولمن تعود الملكية الفكرية لهذا الاكتشاف ومن خلال ذلك يتم التعرّض من جديد لجوانب من مسيرة وعمل ماري كوري.

لكن مؤلفة هذا الكتاب تذهب إلى ما هو أبعد من استعراض السيرة الشخصية والمسار العلمي لـبطلتها، ماري كوري، كي تناقش في هذا الكتاب وعلى مدى جزء هام من صفحاته ثلاث مسائل أساسية مطروحة بقوّة على الفترة الراهنة. هذه المسائل تتعلّق بالملكية الفكرية وثقافة الشهرة والإدارة العالمية للمعلومات العلمية. وتقوم المؤلفة بالربط بين هذه المسائل الثلاث في إطار واحد.

كما تعتبر المؤلفة أن ماري كوري هي أحد الوجوه البارزة في تأكيد الهويّة الأوروبية الجامعة. وفيما هو أبعد من الانتماء إلى الدولة ــ الأمّة البولندية أو الفرنسية، بحكم أن العالمة الكبيرة يتوزعها هذا الانتماء المزدوج، وحيث تعتبرها كل من بولندا وفرنسا جزءا من تراثها العلمي، الوطني.

وبهذا المعنى أيضا يتم الحديث عن وجود علم أوروبي. وأن أوروبا ليست فقط مجرّد مفهوم يعتمد على عدد السكان وإنما تؤسس لها منظومة فكرية وعلمية متكاملة لها رموزها.

تشرح المؤلفة أن ماري كوري عمدت إلى سلوك يثير الكثير من الأسئلة فيما يتعلّق باكتشافاتها الخاصّة بمادة اليورانيوم المشع عندما رفضت أن تسجل براءة اختراع باسمها. ذلك أن مثل ذلك السلوك يطرح للنقاش قضيّة حريّة الوصول إلى المعارف. كما يطرح بالمقابل مسألة اعتبار الإبداع في مختلف المـــجالات العلمية أو الأدبية أو الفتيّة أو غيرها بمثابة جزء من الملكية الفكريّة.

في المحصّلة وعبر الخوض في مجموعة من المسائل، ذات العلاقة بشخصية ماري كوري وبمساهماتها العلمية في الكشف عن اليورانيوم المشعّ وما تلا ذلك من اختراعات، وعن الآليات التي جعلت منها صورة استثنائية في عصرها وحتى الآن، تتعرّض المؤلفة للعديد من القضايا الراهنة اليوم.

Email