اختبار قطع الحلوى.. سنوات الطفولة ومسارنا الحياتي

mis j_

ت + ت - الحجم الطبيعي

من العلوم التي تلقى اهتماماً كبيراً في السنوات الأخيرة تلك التي لها علاقة بعلم النفس. ومن المعروف أن إحدى الشخصيّات التي يتم النظر لها على أنها طبعت القرن العشرين بطابعها شخصيّة «سيغموند فرويد» والعلم الجديد الذي كان وراء اختراعه، اي التحليل النفساني. وهناك مشارب عديدة كثيرة انبثقت من العلوم الخاصّة بالنفس تبرز بين الفترة والأخرى.

ومن المواضيع التي نالت اهتمام الباحثين في ميدان علم النفس مؤخّرا في الولايات المتحدّة الأميركية ذلك الاختبار الذي أجراه عالم النفس «والتر ميتشل»، الأستاذ في جامعة كولومبيا، والمعروف بـ «اختبار قطعة الحلوى» الذي نال شهرة كبيرة بحيث إنه ليس هناك أميركي تقريباً لم يسمع به. و«اختبار قطعة الحلوى »، هو بالتحديد عنوان كتابه الصادر قبل أشهر.

وقطعة الحلوى المعنيّة هي بالتحديد تلك التي يعرفها جيّدا الأطفال، حيث انها مصنوعة من السكّر وهي ملّونة لينة وسريعة الذوبان في الفم. أمّا الاختبار المقصود فيتمثّل في وضع طفل عمره ما بين الثلاث والأربع سنوات في حجرة وأمامه على طاولة قطعتان من الحلوى المذكورة.

هكذا يجد الطفل نفسه أمام اختبار كبير. ذلك أنه عليه إمّا أن يلتهم قطعة حلوى واحدة فور دخوله إلى الحجرة وإمّا أن ينال القطعتين شريطة أن ينتظر عودة من يقوم بالاختبار.

الرهان هو إذن بوضوح «القدرة في السيطرة على النفس». ودلّت نتائج الاختبار أن بعض الأطفال «ينقضّون» على قطعة الحلوى منذ أن يدير المسؤول عن الاختبار ظهره ويخرج بينما يُبدي الآخرون مقاومة «بطولية» أمام رغبتهم بأكل الحلوى. هذه الفئة من الأطفال تمثّل ثلث مجموع أولئك الذين يخضعون للاختبار.

هؤلاء الأطفال يمارسون نوعا من «التضحية بمتعة اللحظة» بدافع وجود «حافز الحصول» على قطعتين من الحلوى وليس قطعة واحدة.

يشير المؤلف أنه اخترع ذلك الاختبار في سنوات الستينات من القرن الماضي بهدف دراسة قدرة أطفال الحضانة التابعة لجامعة ستانفورد الأميركية على «السيطرة على النفس». وبعد حوالي نصف قرن، إي في مطلع العقد الثاني من هذا القرن الحادي والعشرين يعود الحديث من جديد عن ذلك الاختبار.

إن «والتر ميتشل»، الذي أصبح أستاذا في جامعة كولومبيا، يكشف عن أنه استمرّ بدون كلل مع فريق بحثه في سنوات الستينات بمتابعة المسار الذي عرفه الأطفال الذين خضعوا لـ «اختبار قطعة الحلوى» منذ سنوات طفولتهم حتى أصبحوا في العقد الخامس من العمر.

هذا فضلا عن حصولهم على قدر أكبر من التفوّق في دراساتهم وقدرة أكبر للسيطرة على اللحظات الصعبة الكثيرة التي واجهوها. وبدا بوضوح أنهم يتمتعون بقدر أكبر من ضبط المشاعر على قاعدة «الثقة بالنفس التي يتحلّون بها». من هنا يؤكّد المؤلف أن سنوات الطفولة يمكن أن تكون زاخرة بالدلالات على المسارات اللاحقة للمعنيين بها. ولكن«بدون مبالغة».

Email