33 رجلاً دفنوا أحياء في منجم في شيلي ومعجزة إنقاذهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في شهر أغسطس من عام 2010، وفي عمق صحراء «اتاكاما» في الشيلي انهار منجم «سان خوسيه» للنحاس. ووجد 33 من عمال ذلك المنجم أنفسهم معزولين عن العالم على عمق 700 متر في جوف الأرض.

الصحافي الأميركي هكتور توبان جعل من أولئك الذين يطلقون عليهم توصيف الـ «33» والذين غدت قصّتهم أحد أشهر أحداث بدايات هذا القرن الحادي والعشرين موضوع كتابه الأخير بعد قرارهم تقديم روايتهم لشخص واحد. ويتعرّض المؤلف خاصّة لما أصبحت عليه حياتهم بعد أن «عادوا إلى الحياة من جديد».

ويؤكّد المؤلف القول: «لقد عرفوا جميعهم أزمات بعض صعودهم إلى سطح الأرض. أغلبيتهم تماثلوا للشفاء، لكن البعض لم يعودوا قادرين على العمل. وأدمن آخرون الكحول مع إظهار بعض الميول الانتحارية. هكذا كان إنقاذهم مخرّبا بمقدار تخريب حصارهم تحت الأرض».

لقد ظلّوا طيلة 69 يوماً بحكم «الموتى» وهم على قيد الحياة. ثم عادوا إلى عالم الأحياء في شهر اكتوبر تحت أنظار مئات الملايين من البشر الذين عاشوا «حكايتهم» لحظة بلحظة على شاشات التلفزيون.

ذلك أنه «اعتباراً من اليوم التاسع عشر بعد الانهيار وصلت عدسة تصوير ــ كاميرا ــ تلفزيونية إلى حيث كانوا من خلال فتحة صغيرة كانت حفّارة للثقب قد فتحتها في الركام المتكدّس فوقهم. هكذا استطاع العالم كلّه أن يشاهد عن قرب ذلك الكابوس الكوني للعيش في الظلام والعزلة والقطيعة القسرية عن العالم». ومنذ أن أصبح الــ 33 رجلا«تحت الأنظار» غدت «المشاكل يومية في المنجم». وكانت المسائل المتعلّقة بالمال هي في صميم الكثير من تلك النزاعات.

ومن أجل المال تمّ تسريب بعض الرسائل التي كان أولئك العمّل يتبادلونها مع زوجاتهم إلى الصحافة. هكذا نشرت صحيفة «لا تيرسيرا» الشيلية ما كتبه «ماريو سسيبولفيدا» لزوجته، ومفاده: «أنا القائد الأعلى هنا.. وأنا من يقوم بتنسيق العمليات ويصدر الأوامر».

هكذا غدا بطلا في الوقت الذي «لم يستطع فيه أن يجني أيّة فائدة من ذلك المجد الجديد». بل على العكس بدأ بعض العمال بإظهار الحقد عليه وتوجيه الاتهام له ولزوجته أنهما يريدان جني مكاسب مالية. السبيل الذي سلكه المؤلف هو أن يقترب من أولئك الـ«33» ليتعرّف على ما عانوا منه على الأصعدة النفسية والجسدية.

 ويشير أن لم يجد في الصحف سوى «نتف صغيرة» عن تلك المعاناة الكبرى، مؤكّدا أن «وسائل الإعلام خلقت الكثير من الأساطير. ذلك مثل تلك الصورة المثالية التي رسمتها للـ 33 عامل منجم وهم متحدّون فيما بينهم لمواجهة لمصير المشترك وأنهم كانوا يعملون تحت قيادة رجل واحد. هذا في الوقت الذي كانوا يعيشون حالة حادّة من الانقسام».

ومن اللحظات «الهامة» التي عاشوها أثناء تجربتهم المريرة تلك التي قرروا فيها أن يضيفوا «عدّة حبّات الفاصولياء» إلى الحساء الذي كانوا يحضّرونه بالماء المتوفّر لديهم.

Email