إميل دوركايم .. قراءة جديدة في سيرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إميل دوركايم، هو أحد الآباء المؤسسين، هذا إذا لم يكن "الأب المؤسس"، لميدان علم الاجتماع، كأحد مشارب العلوم الإنسانية. وفي كل الحالات، يمثل أشهر علماء الاجتماع في التاريخ الفرنسي. ولا شك في أن أستاذ علم الاجتماع في جامعة مونتريال الكندية، مارسيل فورنييه، هو أحد المتخصصين المشهود لهم عالمياً بفكر إميل دوركايم، وبمدرسته في مجال علم الاجتماع.

وبعد أن قدّم مارسيل فورنييه دراسات عديدة، لأفكار "أب السوسيولوجيا": إميل دور كايم، وخصّه بكتاب تحت عنوان "إميل دوركايم : سيرة حياة"، يصدر له باللغة الإنجليزية للمرّة الأولى. وهذا الكتاب ـ المرجع، مترجم عن الفرنسية وبالعنوان نفسه، لكن بعد إعادة النظر فيه، بحيث يوصف بـ: سيرة حياة "جديدة" لإميل دوركايم.

الميزة الكبيرة لهذا العمل، تكمن في كون مؤلفه يقدّم قراءة جديدة لأعمال دوركايم، ويتعرّض للعديد من المسائل التي كانت قد أهملت، إلى هذه الدرجة أو تلك، في شخصية دور كايم ومزاجه النفسي ومحيطه العائلي، وعلاقاته مع أصدقائه، ومع الذين عملوا معه، والمسؤوليات السياسية والإدارية التي تولاّها .

وهذا كله مع الحرص، بالوقت ذاته، على الابتعاد عن "الأساطير والأفكار الشائعة " التي يرددها كُثر، من دون التدقيق والتمحيص في دقّتها، وصدق تعبيرها عن أفكار عالم الاجتماع الكبير.

يكرس المؤلف القسم الأول من عمله، لـ "دوركايم الشاب"، كما جاء في عنوانه، ويركز فورنييه بهذا الخصوص، على مدى تأثير تربيته فيه في طفولته، لفي كنف أسرة يهودية، تتالت فيها أجيال من الذين شغلوا منصب الحاخامية ، لكن إميل دوركايم، رفض أن يتجه صوب مثل ذلك المنصب، وآثر الدخول إلى مدرسة المعلمين العليا بباريس..

ومن ثم حصل على شهادة التأهيل العليا في الفلسفة. وغدا أستاذاً لهذه المادّة في فرنسا، ثمّ في ألمانيا، حيث تعرّف إلى فكر فلاسفة ألمان، كانوا قد أولوا أهمية كبيرة لمسألة "دور الدولة الحديثة"، وكانت تلك هي بعض المصادر التي كان لها تأثيرها في التكوين الفكري لإميل دوركايم.

 

ويحمل القسم الثاني من الكتاب، عنوان "أسس علم الاجتماع.. السوسيولوجيا"، ويولي المؤلف فيه، أهمية كبيرة في هذا الإطار، لما يسميه "الزواج الجميل بين البعد التربوي، "البيداغوجي "، وبين العلوم الإنسانية"، لدى إميل دوركايم، ويشرح كيف أن دوركايم صاغ " نظرية عملية " للعملية التربوية، إذ اعتبر أن الأسرة والزواج والميراث، بمثابة "أشكال للميل نحو العيش في مجتمع".

ويلفت المؤلف، إلى أنه يرى دوركايم أن المهمة الأساسية لعلم الاجتماع، دفع الفرد إلى فهم القوانين التي يجد نفسه مرغماً على طاعتها في المجتمع الذي يعيش فيه، لكن ليس فهمها فحسب، بل أيضاً العمل على تحسينها.

ومن السمات الأساسية التي يؤكّدها ماريل فورنيية في شخصية وقيم إميل دوركايم، هو أنه شديد التعلّق بالقيم الخاصّة بالأسرة، في مواجهة جميع الآثار المؤذية التي يمكن أن تترتب على الإفراط في الحريات الفردية، ولم يتردد في رعاية بعض الأطفال اليتامى من أقربائه، كما كان يرى في ظاهرة الطلاق التي تفشّت في المجتمعات الغربية، مؤشراً مثيراً للقلق.

 

 

 

 

الكتاب: إميل دوركايم.. سيرة حياة

تأليف: مارسيل فورنييه

الناشر: بوليتي برس- لندن 2012

الصفحات: 700 صفحة

القطع: المتوسط

 

 

Emile Durkheim : A biography

Marcel Fournier

Polity press

New York ذ 2012

700 pp

Email