حكايات شائقة وتفاصيل على مدى 2000 عام

اختراع باريس .. سيرة مدينة مع الفن والابتكار وأساليب العيش

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت رفوف المكتبات الفرنسية، في الفترة الأخيرة، عددا من الكتب التي جعلت من العاصمة الفرنسية باريس، موضوعا لها. وهكذا تحدث المؤرخ جان فافييه عن "باريس، تاريخ على مدى 2000 عام". وكتب بيير بينون "سيرة حياة عاصمة".

وفي مثل هذا السياق، تصدر نسخة جديدة متجددة، لعمل الكاتب والمترجم والناشر جان هازان، تحت عنوان: "اختراع باريس". وهو يعود بقارئه إلى باريس، مثل ما كانت في صورتها الأولى، ليشرح بعد ذلك، كيف تطوّرت أحياؤها، وصولاً إلى الصورة التي اكتسبتها : مدينة النور.

ويشرح المؤلف أن الكثير من السمات والمعطيات التي تتمتع بها باريس، حاليا، نتيجة سلسلة طويلة من الاختراعات. ففي شوارع باريس شاعت عملية اللجوء إلى الإضاءة العامة وترقيم الأبنية وانتشار المقاهي. وكذلك في باريس أخذت بعض الأحياء بالتدريج، هوية خاصة بها، بحيث أصبحت نوعا من المدن داخل المدينة.

وبذا غدا "مونبارناس" مرتعاً للفنانين والرسامين والشعراء، حيث كان من روّاده بودلير وأبولينير ومانيه، وغيرهم. لكن، وإذا كان اريك هازان يذكر الكثير من كبار المبدعين في مختلف المجالات كانت باريس هي موطن إبداعاتهم، فإن الأبطال الحقيقيين الذين يؤكّد المؤلف على دورهم في اختراع باريس، هم أولئك المجهولون الذين كانوا وراء تطوير المدينة، وخلقوا فيها أجواء ميّزتها عن بقية بلدان العالم.

ويذكر المؤلف أنه عندما بدأ العمل على مشروع كتاب اختراع باريس، وجد أمامه أسئلة أساسية مثل: ماذا يعني الحي الباريسي؟ وما هي حدود الحي؟ وكانت الملاحظة الأولى التي اكتشفها، أن أغلبية الناس الذين سألهم عما يعني لهم الحي، كانت إجاباتهم غامضة. وبدت الصعوبة كبيرة في ترسيم حدود حي ما، مثل الحي اللاتيني الذي كان بمثابة مقر للقيادة العامة للطلبة، الذين أطلقوا أحداث مايو من عام 1968، المعروفة باسم "ثورة الطلبة".

وفي سياق الحديث عن باريس والثورة الفرنسية، يذكر اريك هازان، أنه ينبغي ألا يغيب عن أذهان الجميع، حقيقة أن الثورة الفرنسية لم تبدأ في باريس، وخلال عامي 1788 و1789، وحتى قيام الثورة، كانت مدن فرنسية عديدة قد شهدت اضطرابات كبرى، مثل رين باو وغرونوبل.

لا يقتصر هازان على توصيف الأمكنة ورسم مسار تطورها، بل يؤكد على بعض السمات الاجتماعية والسياسية التي عرفتها العاصمة الفرنسية في تاريخها.

وبعد أن يتحدّث المؤلف عن الحدود الخارجية لباريس، والحدود الداخلية بين الأحياء، يولي اهتماما خاصا، للحدود المفتوحة بين الحياة والفن فيها.

وتبرز سمات الفرادة في هذا الكتاب، انطلاقاً من كونه زاخراً بالحكايات وبتاريخ الأمكنة الباريسية، في إطار دراسة تاريخية- جغرافية عن نمو باريس، في داخل جدرانها المتتالية وخارجها. ويحتوي الكتاب على مجموعة من الدلالات ذات الأهمية السياحية، لأمكنة ليست معروفة كثيراً، بالمقارنة مع جادة الشانزيليزيه الشهيرة، وشارع سان ميشيل أو سان جيرمان، وغير ذلك من الوجهات الأخرى، لملايين السائحين، الذين يقصدون العاصمة الفرنسية، سنويا.

نجد الكتاب يتحدث عن باريس، بكل تفاصيلها الصغيرة، إذ يقدمها المؤلف، الطبيب والجرّاح السابق الذي حلم منذ طفولته في أن يصبح مؤرخا، بوجهة شائقة.

وفي جميع الحالات، نتبين أنه يؤكد أن كل حي من أحياء باريس صيغ، تبعاً لتاريخه وانتمائه إلى باريس الثورية، أو باريس لافونتين وموليير، من حيث إنهما أديبان كبيران في التاريخ الفرنسي كله. هذا مع التوقف طويلاً أمام دور هوسمان الذي أمر بتدمير عشرات آلاف المساكن القديمة، ما دفع المؤلف لوصفه بـ"قاتل باريس القديمة".

 المؤلف في سطور

 اريك هازان، كاتب وناشر ومترجم. يعمل مديرا لدار نشر "فابريك" التي تأسست عام 1998 بمساعدة مجموعة من الأصدقاء، بهدف نشر كتب التاريخ والفلسفة. صدر له عام 2004 : "وقائع الحرب الأهلية". كان قد نشر في عام 2002 كتاب "اختراع باريس"، بنسخته الأولى، والتي أعاد النظر فيها لتصدر قبل أسابيع مضت، في أخرى جديدة ومتجددة.

الكتاب: اختراع باريس

المؤلف: اريك هازان

الناشر: سوي - باريس- 2012

الصفحات: 300 صفحة

القطع: المتوسط

Linvention de Paris

Eric Hazan

Seuil - Paris- 2012

300 pp.???

Email