النظام الليبرالي الجديد أخضع الاقتصادات المحلية لسوق المنافسة الدولية

تصنيع.. فبركة.. المجاعة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كان العديد من رواد الفكر الاقتصادي الأوائل، قد أكّدوا بأشكال مختلفة، أن الزراعة هي المصدر الحقيقي الوحيد للثروة. ذلك بسبب الثروات التي يُعاد إنتاجها، وكون الأرض هي الوحيدة المؤهلة لذلك. وبهذا المعنى يمكن للنشاط الزراعي وحده، أن ينتج فائض قيمة.

وفي المقابل، ما يتفق عليه الجميع تقريباً، أن الكثير من الأحداث التي عرفتها السنوات الأخيرة المنصرمة، أكّدت من جهة، الأهمية الحاسمة للزراعة، ومن جهة أخرى، مدى هشاشتها. وكانت قد سادت في النصف الثاني من القرن العشرين فكرة مفادها أن الإنسانية قادرة على قهر الجوع. لكن العقبة الرئيسية أمام تأمين التغذية لجميع البشر كمنت في التوزيع السيئ للأغذية. لكن منذ بداية القرن الحالي، الحادي والعشرين، أضيفت مشكلة جديدة، وهي أن الإنتاج الغذائي لم يعد كافياً.

وفي مواجهة مثل هذه الأفكار، التي يطرحها عالم الاجتماع بيللو والدن، في مقدمة كتابه الذي يحمل عنوان "تصنيع - فبركة- المجاعة"، يقدّم ما يعده بديلاً للنظام الليبرالي الجديد ولاقتصاد السوق، باعتبارهما المسؤولين الأساسيين عن إخضاع الاقتصادات المحلية للعبة المنافسة الدولية، وبالتالي تقليص القدرة على إحداث نموذج أكثر عدالة، وأكثر قدرة على العيش والاستمرار على المستوى الاجتماعي، كما البيئي والاقتصادي.

يشرح المؤلف، على مدى صفحات عديدة، في القسم الأول من الكتاب، الطريقة التي فرضت فيها السياسات الليبرالية في إطار العولمة، قواعد اللعبة الجديدة. ويدرس بالاعتماد على عدد من الحالات الآثار السلبية والمدمّرة لتلك السياسات على العديد من بلدان الجنوب التي فقدت السيطرة على أسواقها في القطاع الزراعي- الغذائي.

ويدرس المؤلف حالات: المكسيك والفلبين وجنوب إفريقيا والصين، من زاوية السياسات القائمة على "إزالة الرسوم الجمركية العالية والتخلص من قواعد ضبط التجارة، وكذا تقليص دور الدولة والمؤسسات في الدعم العام للاقتصاد. فهذه الأمور كلها كانت، كما يشرح، وراء التبعية المتزايدة حيال المواد والسلع المستوردة من الخارج، وبالتالي التأثر المباشر بأسعارها.

وفي أحد فصول هذا الكتاب - الفصل السادس - يناقش المؤلف ما يسميه، حالة المزروعات المستخدمة في إنتاج الطاقة. ويشرح كيف أن تشجيع صناعة زراعية تدعم إنتاج الطاقة ذات المصدر الزراعي، كانت له آثاره المأساوية على البلدان النامية بشكل خاص. وبالتالي، كان للتوجه نحو الزراعات المنتجة للطاقة، آثاره على صعيد البيئة، كما على الصعيد الاجتماعي.

وفي الفصل الأخير - السابع - من الكتاب، يقدّم المؤلف بعض رموز حركات المقاومة الفلاّحية والهيئات التي تطالب بتبنّي بدائل للنظام الليبرالي الجديد السائد، حالياً، ولأغلبية البشر وحياتهم.

 المؤلف في سطور

 بيللو والدن من مواليد مانيللا، عاصمة الفلبين، عام 1945. وهو عالم اجتماع معروف ببحوثه حول العولمة وآثارها السلبية. ساهم في تأسيس منتدى حول بلدان الجنوب. وهو من النشطاء على صعيدي الكتابة والفعل فيما يتعلّق بالمطالبة بنظام دولي أكثر عدالة.

من مؤلفاته: "نهاية الإمبراطورية الأميركية" و"معضلات السيطرة" و"نزع العولمة".

 الكتاب: تصنيع- فبركة- المجاعة

المؤلف: بيللو والدن

الناشر: كارنيه نورد - باريس- 2012

الصفحات: 224 صفحة

القطع: المتوسط

La fabrique de la famine

Bello Walden

Carnets Nord - Paris- 2012

224 pp.

Email