محاولة لنقد التصوّرات الشائعة

الإسلام والسياسة في العصر الوسيط

ت + ت - الحجم الطبيعي

هذا الكتاب محاولة علمية لنقد الكثير من التصوّرات الشائعة حول الفكر السياسي الإسلامي، وذلك بالتركيز على بيان تنوّع الفكر السياسي الإسلامي.

ويقوم الكتاب المعنون بـ «الإسلام والسياسة في العصر الوسيط» للدكتور مكرم عباس بالتركيز على بيان تنوّع الفكر السياسي الإسلامي، كما تجلّى في تراثنا الثقافي، وكما تفاعل مع تطوّرات المجتمع خلال التاريخ.

ويتميّز الكتاب بملمح أكاديمي جليّ، وبموقف منهجي يتجاوز الاختصارات السهلة، ليتعمّق في دراسة دقائق الفكر السياسي الإسلامي في العصر الوسيط.

ذلك الفكر الذي أنتج – حسب رأي المؤلف – ثلاث طرق لفهم السياسة: تتجلّى الطريقة الأولى في كتابات مؤلّفي «الآداب السلطانية» التي تركّز على قيم الحكم، واحتياجها للحكمة والاعتبار بالتجارب السياسية سواء تلك التي جرت داخل سياق التاريخ الإسلامي، أم تلك المستمدّة من خارجه (الفرس، الروم، الهند).

أما الطريقة الثانية، فهي طريقة الفقهاء، الذين يعيب عليهم المؤلّف أنهم انشغلوا بإشكالية الفتنة، وبالغوا في التركيز على أولويّة الأمن.

وثالث تلك الطرق طريقة الفلاسفة (الفارابي، ابن سينا)، وهى طريقة تفكّر في المسألة السياسية من منظور القانون الطبيعي وبمقصد تحقيق كمال الإنسان، مستلهمة الثقافة العلمية والفلسفية المتداولة في زمنهم، وقد انتهى المؤلّف بعد تحليله لنماذج من هذه الطرق المنهجية الثلاث إلى خلاصات مهمة.

يذكر أن الدكتور مكرم عباس باحث وأكاديمي متخصص في الفلسفة العربية، مهتم بالفلسفة السياسية في العصور الوسطى وفلسفة الفارابي، يشغل منصب أستاذ محاضر في دار المعلمين العليا بجامعة ليون –فرنسا، وكان عضوا في المعهد الجامعي الفرنسي. له مجموعة من المنشورات العلمية، من بينها: «الإسلام والسياسة في العصر الكلاسيكي» و«الثورات العربية واللاهوت السياسي».

وسبق أن صدر للكاتب كتاب «الحرب في الإسلام»، الذي يمثل ترجمة تتناول الحرب باعتبارها محرّكا للتاريخ... أو بوصفها جراحة في جسد الحضارة قد تنتج عنها تشوّهات ودمار، وقد ينتج عنها دفع إلى سبيل جديدة وأفق بكر. وفي كلّ الحالات لا يعود الجسد كما كان. والحرب الأشدّ أثراً -دماراً أو إصلاحاً- هي تلك التي تغذّيها الإيديولوجيا.

فإذا كانت هذه الإيديولوجيا محرّفة ضالّة (وكلّ حرب ضلال)، كان الدّمار أبلغ وأشدّ، دمار لا يصيب البنى المادّية وحدها ولا يصيب الأنفس فحسب، ولكنّه يصيب آلة التّفكير وقراءة التّاريخ ورؤية المستقبل.

وفي هذا الكتاب يشرِّح الكاتب هذه الحالة التي لا تصيب العالم الإسلامي خاصّة، بل العالم المتحضّر كلّه، مساهمة في التّعريف بهذا التّوصيف للعلّة بغاية الوقوف على حقيقتها، ومن ثمّ التفكير في علاجها ودرئها.

ومن حيثيّات هذا الكتاب أنَّه يسعى إلى الالتزام بما تقتضيه التّرجمة العلميّة من نقل حضاريّ للمفاهيم والمصطلحات والإحالات، فاختلطت هوامش التأليف بهوامش الترجمة، فجرت الإشارة بعد كلّ إحالة إلى صاحبها مع تبيين ما مرّ عليه المؤلف الأصلي من ذكر الإعلام دون بيان، فتم تبيينه بما أتيح من مصادر، مع إغفال من كان معروفاً مثل ابن خلدون وابن رشد.. في اتباع ما جرى عليه عمل المؤلف من إثبات الإحالات آخر كلّ صفحة، على نقيض ما دأبت عليه تقنية المقال من إثبات الهوامش في الصفحة الأخيرة.

 

Email