«الذهنية العربية».. تفكيك للمفهوم وبحث عن مكوناته

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدر للكاتب والروائي الفلسطيني الدكتور حسن حميد، الحائز جائزة نجيب محفوظ للرواية، عن روايته «جسر بنات يعقوب»، كتاب «الذهنية العربية.. الثوابت والمتغيرات مقاربة معرفية»، عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع.

يقول الكاتب: أسئلة كاوية، موجعة مطروحة علينا، من أجل تفكيك مفهوم الذهنية العربية والبحث عن مكوناتها ورصد تجلياتها، وهذا يتطلب معرفة ثلاثية الأبعاد:

معرفة بالراهن، والماضي، ومعرفة بالتجليات الأولى للمستقبل والوقوف عند الحقل التاريخي.

ذلك أنه ليس أصعب من النظر في سلوكية الفرد لتحديد ماهيته وكنه شخصيته ونمط تفكيره وتأثير ما أنتجه المجتمع من العادات والتقاليد والأعراف والعقائد في حياته، بكل صيغ وأشكال التعامل (القبول والرفض والحياد) مع الصيغ الاجتماعية بكل رتبها ومقاماتها وأنماطها البسيطة والمركبة.

وضع المؤلف 10 فصول عالج فيها بشكل متخصص وعميق إشكالية الذهنية العربية، بدءاً من بداوتها، وانتهاء بوضعها الحالي عبر تاريخها، من خلال منظومة قيم أسهمت في تشكيل هذه الذهنية.

مصفوفة فكرية

وفي الواقع، ينتمي هذا الكتاب إلى المصفوفة الفكرية النقدية والتحليلية التي تناولها كتّاب ومفكرون مثل حليم بركات، وجورج طرابيشي، ومحمد عابد الجابري، وحنا بطاطو، وعلي زيعور وغيرهم. ذلك لأنه ينتمي ببساطة إلى منطقة تناول المجتمع العربي بسيرورته التاريخية اجتماعياً وسياسياً وفكرياً وثقافياً وقيمياً أيضاً، وجرى التناول من الكاتب حسن حميد بعين الباحث والمحلل والناقد، حاله حال زملائه من الكتّاب والمفكرين المذكورين آنفاً.

ويمكن القول وبكل أريحية: إن هذا الكتاب ينتمي إلى المدرسة النقدية النهضوية التي عملت على دراسة تاريخية المجتمع العربي اجتماعياً ومراجعته، في سبيل كشف مكامن تخلفه وتأخره من أجل تجاوزها والنهوض بها من جهة، ومن جهة أخرى؛ محاولته الإجابة عن التساؤلات الهوياتية والحضارية الكبرى للعرب ومجتمعهم.

ومن القيم المضافة التي يقدمها هذا الكتاب، تمثله استقصائية تاريخية عميقة تصلح مرجعية لإدراك عدد من العلاقات والعلائقية ما بين مكونات المجتمع العربي وما بينه وبين الآخر، وما أفرزته ونتجت منه من أحوال وقيم وأوضاع بات الفرد والمجتمع العربي يعانيان بسببها كثيرا.

أسباب المعرفة

في هذا الكتاب، يخبرنا كاتبه حسن حميد عن أسباب التطلع إلى معرفة سوسيولوجيا الأفراد والمجتمع معا، والعوامل التي عززت هذا التطلع، كتمظهرات الاستعمار: من أجل تيسير سبل التعامل مع الأفراد والمجتمعات والهيمنة عليهم «كتاب وصف مصر» نموذجاً.

ومن تلك العوامل أيضاً: رغبة الحاكم السياسي في معرفة من يحكم، والأساليب الأكثر نجاعة لانقياد الأفراد والجماعات لسياسته للبقاء في سدة الحكم أطول مدة زمنية ممكنة، وبسبب ظهور النفوذ الأكبر للدولة الأمنية ليصبح المجتمع أمام ناظري الحاكم أشبه بمدرسة ليس الأفراد فيها سوى تلاميذ. أما العامل الثالث فهو «سيطرة فكرة التقدم والتطور الاجتماعي».

يقول حسن حميد: تنهض الحاجة إلى معرفة سوسيولوجيا المجتمعات خصوصاً بعد أن انقسم العالم إلى قسمين كبيرين واسعين بالمعنى الاجتماعي، عالم يملك وعالم لا يملك، عالم شمالي يحلّق في أعالي سلّم الحضارة، وآخر جنوبي يقبع في ذيل سلّم الحضارة.

 

Email