«شارع السّبخة».. سرد خيالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتجول رائد قاسم من خلال روايته الخيالية «شارع السبخة» بين أحياء دبي، في رحلة جذب تبرز ما تتميز به المدينة من سحر خلّاب يلفت الأنظار ويأسر القلوب، ومن خلال سير الأحداث، تلقي الرواية الضوء على العالم الافتراضي والذكاء الاصطناعي الذي تضطلع به الإمارة، في نظرة مستقبلية لما ستؤول إليه التقنيات الحديثة التي تسابق بها دبي العالم، غير أن دانة الدنيا تتحول فجأة -في سرد خيالي- إلى صحراء بعد عاصفة رملية تودي ببطلي الرواية للمجهول.

تتحول دبي فجأة إلى قرية الوصل، ويعود الزمن إلى الوراء مئات السنين.. لا شيء في الوصل سوى هجير الصحراء وهدير مياه البحر الهائجة.. تنهار أحلام بطلي الرواية، وتتحطم على صخرة واقع قادم من أعماق العدم.

يختفي من أمامهما كل ما اعتادا عليه من رغد العيش في ظلمات زمن عاتٍ رهيبٍ.. إلا أن ضياء الوطن يسمو فوق جدران الوجود، ويتجاوز بوابات العوالم لتسير الوصل نحو قدرها المرسوم المكتوب على جبين الزمن.

في البداية يظهر مراد وفاضل، بطلا الرواية، وهما يعودان إلى المدينة العامرة دبي بعد سفر الدراسة، وفي رؤيا منامية غريبة يرى مراد نفسه مع فاضل وسط المياه، واليابسة بعيدة عنهما، يحاول الذهاب إليها إلا أنه لا يستطيع. يتركه فاضل ويمضي إليها يصل إلى اليابسة بينما يظل مراد وحيداً وسط المياه. يستيقظ من نومه خائفاً! ولم يعلم أنها رؤيا صادقة لما سيحدث لي في المستقبل القريب.

وفي ذات يوم وهما في رحلة تخييم في الصحراء تبدأ الأجواء بالتغير، الرمال تتطاير في الأرجاء بفعل الرياح العاتية، ويبدأ الإعصار بالعلو والارتفاع، والأكسجين يتناقص بشدة، يصرخان بأعلى صوتيهما من شدة الآلام وهول المحنة التي يواجهانها، ثم لا تلبث أجزاء السيارة بالتناثر شيئاً فشيئاً، وتسقط على الأرض، بينما يغمى على مراد وفاضل ويبتلعهما الإعصار، ويقذف بهما نحو المجهول.

بعد استيقاظهما من الإغماء يلقيان رجلاً يقال له سحيم، يذهب بهما إلى قرية «الوصل» وشيخها عجلان.. تتوالى الأحداث لتربط الماضي بالحاضر، في مشهد مليء بالإثارة والدهشة والغرابة، حتى تصل الأحداث إلى ذروتها، ثم لا تلبث أن تنحل عقد الرواية ليعودا إلى دانة الدنيا، وينجو كل منهما بنفسه إلى أرضهما الطيبة الكريمة والغالية على قلوبهما، بعد أن يتخلل تلك الأيام التي عاشاها في الوصل مواقف غرائبية وصلت بهما إلى بر الأمان أخيراً.

يظهر من سير الأحداث ما رمى إليه كاتب الرواية أولاً من جهده في إبراز النهضة العمرانية والتقنية التي وصلت إليها إمارة دبي، وما تطمح إليه لمستقبل مليء بالإنجازات والريادة، ولعلها تكون صلة الوصل بين الأحداث الخيالية التي ستأتي بها الأحداث بعد ذلك.

كما أنه يلاحظ تلك اللغة السهلة التي تلامس ببساطتها جميع مستويات القراء، وتصل بالأحداث إليهم في أجواء لا تخفى من الإثارة الجاذبة، التي قد يكون ـ بتقديري - لجأ إليها لترغيب القارئ غير المعتاد على صداقة الكتاب بتقليب الصفحات لتكون الرواية معيناً له على عشق القراءة.

Email