«من دمشق إلى شيكاغو».. رحلة أبي خليل القباني

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبعث الروائي والباحث والمؤرِّخ تيسير خلف الروحَ في لحظاتٍ كانت مجهولة في حياة الرائد المسرحي السوري «أحمد آقبيق» أبي خليل القباني، وذلك في تحقيقه عن الرحلة التي سافر فيها إلى شيكاغو سنة 1893، للمشاركة في المعرض الذي سيُقام لمدَّة ستَّة أشهر.

فأصدر السلطان العثماني عبدالحميد «فرماناً» بإنشاء لجنة تحضيرية للمشروع، وتمَّ انتداب إبراهيم حقي بيك، مفوضاً عاماً للإمبراطورية العثمانية إلى المعرض. وكانت جريدة لسان الحال البيروتية قد نشرت إعلاناً في 15 أغسطس 1892 يوضِّح أنَّ صاحب فكرة إنشاء مسرح لتقديم المشاهد والعادات الشرقية هو (لجنة المعرض العام في مدينة شيكاغو). كما نشرت جريدة كوكب أميركا رسالة من بيروت يعلن فيها صاحبها خبر حصول بطرس أفندي أنطونيوس على امتياز تمثيل العادات الشرقية.

وفي تحقيقه الموثَّق هذا يقول الباحث تيسير خلف: إنَّ الفرقة المسرحية تتكوَّن من 65 رجلاً وامرأةً وطفلاً، وهذا العدد من الفنانين هو سمةٌ (قبانية)؛ إذ كان عدد أعضاء فرقته في مرحلتها الدمشقية يتجاوز 60 فناناً، وأفراد جوقته الذين سافروا إلى مصر في العام 1884 بلغ 41 ممثِّلاً وموسيقياً، فالإبهار البصري كان لعبته المفضَّلة. وبعد أن أنهت الفرقة تدريباتها نظَّمت الفرقة قبل السفر إلى شيكاغو عروضاً تجريبية للصحافة.

أبحرت الفرقة من بيروت إلى الإسكندرية يوم 15 مارس 1893 ومن الإسكندرية إلى جنوة حيث كانت تنتظرهم السفينة البخارية العملاقة «إس إس ويرَّا». استغرقت الرحلة من جنوة إلى نيويورك 18 يوماً، وكان مندوب جريدة «كوكب أميركا» بانتظارهم. وفور وصول الفرقة إلى شيكاغو، باشرت تدريباتها في مبنى «المسرح التركي».

احتفلت الصحافة الأميركية بالعروض المسرحية التي قدَّمتها فرقة أبي خليل القباني، وأشارت إلى الاحترافية العالية، والإبهار البصري، وتقنيات التمثيل والأداء، وعلاقة الخشبة بالصالة، وتوظيف الموسيقى درامياً. وأطلقت جريدة «كوكب أميركا» صفة مدير التمثيل لوظيفة أبي خليل القباني في الفرقة؛ أي «مُخرج». وقد استمرَّت الفرقة بالعمل أربعة أشهر بعد اضطرار القباني للعودة إلى سوريا.

Email