أبحاث في جذور التطرّف وأخطاره

الإرهاب كما نشرحه لأولادنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل الحوار الذي أجراه الطاهر بن جلون مع ابنته وأصدره في كتاب تحت عنوان: «الإرهاب كما نشرحه لأولادنا» حيلة، يتنكب الكاتب مكائدها ليدلي بدلوه ويفرغ ما في جعبته من أفكار ومفاهيم واستنتاجات وتعريفات حول الإرهاب، فيستعرض من خلالها تاريخ نشأته منذ أحداث الثورة الفرنسية الدموية، وصولاً إلى وضعنا الحالي، بعد انفلات الأفكار المتطرفة من عقالها، وجنوحها في مسالك دموية.

في هذا الحوار المتخيَّل يُجيب الكاتب عن أسئلة ابنته بكل وضوح وصراحة، عن كل ما يجري من عنف وإهراق لدم الأبرياء، عن العمليات الانتحارية ودوافع منفذيها وترحيبهم بالموت، وكيف يصل بهم الأمر إلى هذا الحد فيقبلون التضحية بأنفسهم. وماذا عن الفتيات المتطرفات؟ وما هي المكافأة المتوقعة لهن؟ وما هو موقف الإسلام من الإرهاب؟

وهل ثمة إرهابيون غير مسلمين؟ وعن الظروف التي أوصلت هؤلاء إلى ارتكاب العنف بدم بارد، وعمّا يمكن أن نفعله اليوم لمحاربة الإرهاب؟ كما يبحث الكتاب في تلك الأسئلة في الإسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف في فرنسا والغرب عموماً.

وفي تعريفه للإرهاب، يوضح الكاتب رداً على سؤال ابنته، أن الإرهاب عمل مُنظم يهدف مُنفذوه إلى إرغام الحكومات على تلبية مطالب محددة، فالإرهاب طريقة عمل تقوم على الترهيب لأهداف سياسية أو إيديولوجية وأحياناً تكون الغاية منه فرض فدية بعد احتجاز الرهائن، أو تجارة المخدرات أو الاستعباد.

وفي الشأن المتعلق بمواجهة الإرهابيين من قبل الدول التي يستبيحونها قتلاً وتدميراً، يوضح أن ذلك لا يتم بالطريقة نفسها، وباعتماد وسائلهم؛ بل على هذه الدول أن تستبق أي اعتداء.

وذلك بأن تُشغل استخباراتها وتنسق مع الدول المستهدفة، للتفتيش عن الخلايا الإرهابية النائمة واكتشاف أسبابه وإن كانت قديمة العهد. ويُميز الكاتب بين الإرهاب الأعمى ذي الأهداف الغامضة والمرفوضة والكفاح من أجل التحرر الوطني ومُقاومة الاحتلال.

وعن سؤال ابنته إن كان الإسلام يُبيح اللجوء إلى الإرهاب، يوضح بن جلون أنه ما من ديانة تُبيح قتل الأبرياء؛ فالإسلام بريء من ممارسات بوكو حرام الإجرامية، ومن الفظاعات التي يرتكبها تنظيم داعش.

إن هؤلاء يزعمون العمل على نشر الإسلام في العالم، في حين أن ما يعرفونه عن الإسلام لا يتعدى تلاوتهم لآية من القرآن الكريم، لُقنوها وبها يُبررون أعمالهم الإجرامية.

ويعيد الكاتب انحراف هؤلاء إلى عدة عوامل؛ إذ إنهم انخرطوا في أعمال الإرهاب والإجرام لأنهم لم يجدوا معنى لحياتهم، وأكثرهم محبطون نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، وهم يرون في التطرف خياراً يخلصهم مما هم فيه من مشكلات نفسية أو مادية.

إن السبيل الأوحد لمحاربة «جناية الكراهية» كما يُسميها بن جلّون هو التربية والثقافة، وإعداد النشء لقراءة القرآن الكريم، باعتباره نصاً يزخر بالقيم الجمالية، وأنه حافل بالمشاعر الإنسانية، لكن هذا يستدعي الفهم الصحيح لنصوص القرآن الكريم، والتركيز على تعليم الأولاد التسامح الذي جاء به الإسلام وجميع الديانات السماوية.

ويضيف في هذا الشأن ضرورة الاهتمام بالشباب وخلق فرص عمل مناسبة لهم، وتحديداً أُولئك المنحدرين من البيئات الفقيرة، وإرساء مبدأ العدالة والقانون.

وبالمقابل على الغرب أيضاً الانفتاح والتعرف على الإسلام وثقافته وحضارته، من دون التوقف فقط عند أعمال العنف التي تُغذي فكرة الصراع بين رؤيتين مُتناقضتين إلى العالم.

الكتاب: الإرهاب كما نشرحه لأولادنا

المؤلف: الطاهر بن جلون ـترجمه عن الفرنسية جان هاشم

الناشر: دار الساقي - بيروت 2017

الصفحات:

158 صفحة

القطع: المتوسط

Email