الحركة التشكيليّة في الجزائر بين التعريب والتغريب

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من وجود اتحاد للفنانين التشكيليين العرب قارب عمره نصف قرن من الزمن، إلا أن المعلومات المتوافرة عن حركات الفن التشكيلي العربي المعاصرة ما زالت شحيحة، لهذا فإن الفوز بكتاب حول هذه الثقافة البصريّة يُعتبر إنجازاً مهماً، ومكسباً عظيماً.

(الحركة التشكيليّة المعاصرة بالجزائر) كتاب وضعه الفنان التشكيلي الجزائري إبراهيم مردوخ، جمع فيه بمجهوده الشخصي معلومات عن هذه الحركة الفنيّة العربيّة ومصادرها، من خلال جملة من المحاور والعناوين، توزعت على ثلاثة فصول، خصص الأول منها للفنون الإسلاميّة في الجزائر، فتحدث عن الإسلام والتصوير.

والحضارة العربيّة الإسلاميّة، وتوقف عند فن المنمنمات ورسامها المعروف محمد راسم. وخصص الفصل الثاني للفن الحديث الذي وزّعه على أربعة عناوين هي: انتشار الفن الفرنسي بالجزائر، لاسيّما تجربة الفنان نصر الدين دينيه وأعماله وآثاره، والرسامون الرواد.

أما الفصل الثالث فخصصه للفن التشكيلي في الجزائر المستقلة، متناولاً جيل ما بعد الاستقلال، ثم توقف عند الفنان والثورة، والاتجاهات الفنيّة وتجمعاتها، والمدرسة الوطنيّة للفنون الجميلة ومتحفها، وبداية التكوّن الفني المعاصر، والمعارض والصحافة الفنيّة، والاتحاد الوطني للفنون التشكيليّة.

يرى الكتاب أن الحضارة العربيّة الإسلاميّة من أهم المصادر الملهمة للفن الجزائري المعاصر، حيث جاء العرب بالإسلام إلى أرض الجزائر، حاملين معهم عناصر من فنونهم، تجسدت في العمارة والزخرفة وفن المنمنمات أو الرسم التصغيري، ويعتبر الفنان محمد راسم الجزائري الرائد الأول لهذا النوع من الفن الإسلامي في القرن العشرين، ويرجع له الفضل في فرض هذا الفن وإدخاله كمادة أساسيّة في مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر.

وكغيره من الفنون التشكيليّة العربيّة الحديثة، تأثر التشكيل الجزائري باتجاهات وأساليب الفنون الغربيّة، وظل خاضعاً لتأثيراتها إلى أن تأكد وبرز ونضج بعد الاستقلال، من خلال عدد من المؤسسات التي تُعنى به.

كما يُشير الكتاب إلى أن هذا الفن، خلال مرحلة الاستعمار، كان مقتصراً على طبقة معينة من أبناء المعمرين الأجانب، حيث لم تتوافر للجزائري يومها، الإمكانات اللازمة لممارسته. وعندما رجع له اعتباره بعد الاستقلال، عَبّرَ بحرية تامة، عن أفكاره ورؤاه، لاسيّما تجاه مواضيع الثورة ومستقبل بلاده، مستخدماً أساليب مختلفة كالواقعيّة والتكعيبيّة والتجريديّة وغيرها.

من الفنانين الذي برزوا في هذه المرحلة، فارس بوخاتم الذي تعلّم فن الرسم وهو جندي في صفوف جيش التحرير، الأمر الذي دفعه لتكريس فنه للأحداث التي عاشها خلال مشاركته بالثورة. جاء بعده الفنانون: آسياخم، حميد عبدون، عبد القادر هوامل، وإبراهيم مردوخ الذي ربط في لوحاته بين الثورة الجزائريّة وثورة فلسطين.

لقد سعت الدولة الجزائريّة (بحسب الكتاب) لتشجيع الفن التشكيلي، وإطلاق حركته في الحياة العامة، من خلال الإكثار من إقامة المعارض، وتنظيم المسابقات بين الفنانين، وتوجيه وزارة الثقافة والإعلام الوطني لرعاية هذه الثقافة الجديدة، والتعريف بالعاملين في حقلها.

وهو ما قام به أيضاً، الاتحاد الوطني للفنون التشكيليّة الذي كان يضم في صفوفه غالبية التشكيليين الجزائريين، وكانت له مساهمة كبيرة في تأسيس اتحاد الفنانين التشكيليين العرب الذي أُطلق في دمشق العام 1971.

الكتاب: الحركة التشكيليّة المعاصرة في الجزائر

المؤلف: إبراهيم مردوخ

الناشر: المؤسسة الوطنيّة للكتاب - الجزائر

الصفحات:

170 صفحة

القطع: المتوسط

Email