«ليل العالم».. قصص إنسانية من مدينة الرقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في روايته الجديدة «ليل العالم»، يرصد الكاتب نبيل سليمان، عدداً من القصص عن تنظيم «داعش»، وأسلوبه في التعامل مع الناس في مدينة الرقة السورية، وممارسات أعضائه الظلامية، وكيف تمكنوا من الاستيلاء على أملاك الغائبين، وينتقل بنا في السياق، إلى تعيين «منيب» مدرساً للغة العربية في ثانوية خديجة، ومن ثم مديراً لها، كما نشهد خلال الأحداث، صراع التنظيمات السياسية، مع المخابرات وأجهزة السلطة والإخوان المسلمين، ويمرّ بنا الكاتب على الإمارات، وبيروت، ودمشق، ليطعم روايته، بذكر الأماكن الأثرة على قلبه، فيما تظل «هفاف العايد» بمثابة البريق الذي يحلم بالوصول إليه، في وقت يكثر فيه المؤلف من أسماء الأشخاص الذين تعاون معهم في صنع روايته.


الرقة مدينة يغمرها السلام قبل الحرب، فلا فرق بين الأديان والطوائف، يلتقون مع بعضهم ويسهرون، ويتعايشون، ثم جاءت التنظيمات المتطرفة فحولت حياتهم جحيماً، ثم سيطرت «داعش» على المدينة فعادت بالزمن إلى الوراء، ففرضت على النساء ثياباً معينة، وعلى الرجال أيضاً، وأن يطيلوا لحاهم ويحفوا الشارب، وأن لا يدخنوا، وفرضت على النساء أن يتزوجن من المسلمين في الدولة.
في روايته يبدأ الكاتب نبيل سليمان بتنصيب أبو محمد العدناني، خليفة، ويبين كيف أصبح اسمه «أبو بكر البغدادي»، ثم يتابع في قتل «هفاف العايد» التي خنقت جزاء زغردتها يوم سقوط التمثال، وهي التي تعودت على قيادة المظاهرات والمطالبة بإخراج المعتقلين، وتحدي قرارات تنظيم داعش، كما يستعرض أيضاً كيف تحول «أبو ناصر» من عامل في الفرن إلى رئاسة المحكمة الشرعية، ليقضي بالحكم على 3 رجال دفعة واحدة، بالإعدام.


بخبرته الروائية يدير نبيل سليمان روايته حول قصة حبّ بطلتها هفاف، ومنيب المدرس في إحدى الثانويات، هذه البنت الرقاوية التي درست الأدب العربي، وتابعت فيه، فيما تظل من بداية الرواية حتى نهايتها، قصة حبّ لا تطالها يد، رغم كثرة الخطاب الذين حاولوا أن ينالوها، ونلاحظ أن شخصيات الرواية منفتحة على العالم، فاعلة فيه، ومؤثرة، وامتد الزمن قرابة 40 عاماً، حاول الكاتب أنّ يدرس هذه المجتمعات التي تناولها، ويقدّم رأيه في صعود التيارات الدينية المسلحة التي تهاجم سوريا، أو التي تتعاون معها، لكن مجتمع الرقة ظل أثيراً لديه، وباعتبار أنه عاش فيها فترة من الزمن فقد درسها دراسة وافية، درس النظم الاجتماعية والثقافية والسياسية وبرع فيها.


نبيل سليمان، في عمله هذا، يصيب عين الحقيقة، فهو يعيش مع تنظيم داعش، من الخارج ويتوغل فيه، من خلال الوثائق والصور، ويتغلغل في عمقه، حيث يعرف من أين جاء، ومن هم الذين يمولونه، وكيف انتشر.

Email