الإسلام بين العلم والمدنية.. قراءات وتصويبات

الإمام محمد عبده: دين العقل والعفو والعلم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبّين لنا الإمام محمّد عبده في كتابه «الإسلام بين العلم والمدنية»، أنّ أوّل أساس وضع في الإسلام هو النظر العقلي، وتقديم العقل على ظاهر الشرع، وثانيهما، هو البعد عن التكفير، فإذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مئة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد، حمل على الإيمان، ولا يجوز حمله على الكفر.

وثالثهما: الاعتبار بسنن الله في الخلق، وهو ألا يعول بعد الأنبياء في الدعوة إلى الحقّ على غير الدليل.

والخامس، كما يقول محمد عبده، يكون في قلب السلطة الدينية والإتيان عليها من أساسها، ولكلّ مسلم أن يفهم عن الله عز وجل من كتاب الله وعن رسوله الكريم «ص» من كلام رسوله بدون توسيط من أحد من سلف ولا من خلف، وإنمّا يجب عليه أن يحصل من وسائله على ما يؤهله الفهم.

والأصل السادس هو حماية الدعوة لمنع الفتنة. ويقول: «إذ قالوا: إنّ الدين الإسلامي دين جهادي وقلنا: ليس القتل في طبيعة الإسلام بل في طبيعته العفو والمسامحة، خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين».

ويشرح الإمام عبده أن الإسلام كان يكتفي من الفتح بإدخال الأرض المفتوحة تحت سلطانه، ثم يترك الناس وما كانوا عليه من الذين يؤدون ما يجب عليهم، ويكلفهم بجزية يدفعونها لتكون عوناً في صيانتهم والمحافظة على أمنهم في ديارهم، وهم في عقائدهم ومعابدهم وعاداتهم بعد ذلك أحرار لا يضايقون في عمل ولا يضامون.

وكان خلفاء المسلمين يوصون قوادهم باحترام العباد الذين انقطعوا عن العامّة في الصوامع والأديار لمجرد العبادة، كما كانوا يوصونهم باحترام دماء النساء والأطفال، وكل من لم يعن على العبادة، جاءت السنة المتواترة بالنهي عن إيذاء أهل الذمة وبتقرير ما لهم من الحقوق على المسلمين.. واستمر العمل على ذلك ما استمر الإسلام.

وفي الأصل السابع للمصاهرة، يبين الكتاب أنه أباح الإسلام للمسلم أن يتزوّج الكتابية، وجعل من حقوق الزوجة الكتابية على زوجها المسلم أن تتمتع بالبقاء على عقيدتها، والقيام بفروض عبادتها، والذهاب إلى أماكن عبادتها.

وأما الأصل الثامن فهو الجمع بين مصالح الدنيا والآخرة، فالحياة في الإسلام مقدّمة على الدين، إن كانت تختطف العبد إلى ربه وتملأ قلبه من رهبة، فهي مع ذلك لا تأخذه عن كسبه، ولا تحرمه من التمتع به، ولا توجد عليه تقشف الزهادة، ولا تجشمه في ترك اللذات ما فوق العادة.

وفي محور «الرخص»، يشرح محمد عبده أنه فرض الصوم، لكن إذا خشي منه لمرض أو زيادته ازدادت المشقة فيه جاز تركه، كذلك الوضوء أو الغسل من شروط الصحة للصلاة إلا إذا خشي منه الضرر أو عرضت مشقة في تحصيل الماء.

وإذا أصابت المصلي مشقة، يصلي قاعداً، والسعي إلى الجمعة واجب، إلا إذا كان هناك وحل كثير أو مطر غزير، أو ما يوجب تعباً ومشقة فيسقط، كذلك الزينة والطيبات، فأباح الإسلام لأهله التجمل بأنواع الزينة.

وفي الاقتصاد: وضع القرآن الكريم قانونا للإنفاق بحيث لا يكون المسلك مبذراً ولا بخيلاً. وأما في النهي عن الغلو في الدين، فخشي على المؤمن أن يغلو في طلب الآخرة فيهلك دنياه وينسى نفسه منها.. لذا حث الله في كتابه الكريم المؤمنين على ألا ينسوا دنياهم وأن يعيشوا حياتهم بما يرضي الله.

كما أن الله عز وجل يفضل العلم ـ وأهل العلم بدون قيد ولا تخصيص، فإنّ العلم مسرح نظر العقل، والعقل قوّة من أقل القوى الإنسانية، وسمح الإسلام للمسلم أن يتمتع في هذه الدنيا بما يلذّ له مع القصد والاعتدال.

الكتاب: الإسلام بين العلم والمدنية

إعداد: محمّد عبده

الناشر: اتحاد الكتاب العرب، دمشق 2016

الصفحات: 320 صفحة

القطع: الصغير

Email