من خلال آراء نقاد وصحافيين عن أعماله ومعارضه

يوسف صابوني..فارس الألوان المائية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يؤرخ هذا الكتاب لحياة الفنان، يوسف صابوني، الذي عاش ما بين عامي 1950 إلى 2003 وعن ما كتبه النقاد والصحافيون عن أعماله ومعارضه.

ولد الفنان في مدينة حلب، في حي باب النصر، وفيها درس، وتخرج من جامعتها مهندساً زراعياً عام 1972، وعيّن في مديرية زراعة حلب، وقد أوفد عدّة مرات برحلات اطلاعية إلى كلّ من إيطاليا - فرنسا - العراق - تركيا - وروسيا. وفي العام 1990 تفرغ للعمل كلياً كفنان تشكيلي.

انتسب إلى مركز فتحي محمّد للفن التشكيلي، وكان من أهم أساتذته: سامي برهان وإسماعيل حقي ووحيد استنبولي، وتخرج من المركز عام 1967، وقد شارك في معارض ربيع حلب وخريفها، كما أن له نشاطات في كتابة القصة القصيرة للأطفال الصغار مصحوبة برسومات، نشر بعضها في مجلة «ماجد» للأطفال.

قدّم أوّل معرض فردي بالألوان المائية في صالة سعود غنايمي عام 1987، ثم بالمتحف الوطني بحلب، وقدّم معرضين فرديين متميزين بالألوان المائية اعتبرهما يوسف نقطة انطلاقه في الحياة الفنية، الأوّل في صالة «تشكيل الفراغ» بدمشق، والثاني في مدينته في دار أمية للآداب والفنون، عند أمية الزعيم، وبعدهما أقام الفنان ثلاثين معرضاً فردياً، في كلّ من حلب، دمشق، حمص، اللاذقية، عمان، جنيف، ليون، دبي، الشارقة.

داهمه المرض عام 2001، حيث أصيب بورم خبيث في الدماغ، وقد حاول أن يجابهه ويتحداه، فقدم آخر معرض له في صالة بلاد الشام في العام 2002، في فندق شهباء الشام، سعت إليه أمية الزعيم دعماً ليوسف ليواصل تحديه للمرض، فقدم الفنانون له معرضاً «تحية حب وتقدير للفنان الكبير يوسف صابوني»، لكن للأسف لم يتمكن من حضوره، حيث رحل 2003، ووضع على قبره علبة ألوان مائية وريشة.

بعض ممّا كتبه الأديب وليد إخلاصي عن يوسف صابوني: «تحوم ريشة يوسف كنحلة تبحث عن أزهارها، في عالم متنوع من الجمال والدهشة، ويوسف الباحث عن البراءة في شفافية الألوان والتقليد الخلّاق للحياة يدفعك إلى عشق الأرض ويحرك فيك غريزة الاستسلام لما هو صادق وجميل».

وكتب الناقد محمود شاهين: «لوحة الفنان يوسف الصابوني أنيقة ترتاح إليها النفس وتهفو إلى هدوئها الروح، وتتغلغل في شفافية ألوانها العين، إنها ملاذ حقيقي للمتعبين الباحثين عن محطة استراحة».

والشاعر حسين درويش كتب هذه الكلمات في «البيان»: «تكثر في لوحات يوسف الصابوني الألوان المشتقة من البني بتدرجاته والتي تعني الحنين الصاخب للأرض التي تنبت الخيرات وتعطيها للناس دون مقابل، وفي لوحاته أيضاً تتجانس إيقاعات الحياة بكائناتها الحية وجوامدها.

فالحصان يرمح كقلب العاشق، والراعي تندمج ثيابه بأغنامه، والنساء يحولن حياتهن إلى صدى في أحاديث الصباح، وفي المحصلة نجد بين أيدينا كمّاً عظيماً من الثراء الإنساني، ومن المواضيع التي تنبت حولنا، وتكبر في دواخلنا».

أمّا الصحفية نجوى ضاهر فقد كتبت تقول: «ومن خان الحرير التقط الفنان يوسف الصابوني مشهداً يجسد عشقه للتراث الموسيقي الأصيل ممثلاً بنغمات التخت الشرقي يتحدى فيها محاولات مسح ثقافتنا الموسيقية وتدجين أذواقنا، والمرأة بالنسبة للفنان هي محور أي تجربة في لوحاته، وقد ظهر ذلك في لوحة المرأة الفلسطينية التي غابت ملامح وجهها المباشرـ لتحلّ مكانه ومضات مؤثرة عبرت عن معاناتها وعذاباتها اليومية».

رحم الله الفنان الذي كان يقول: «إنني أستمد أعمالي من الماضي، فهو كنزٌ ومعين لا ينضب».

مساحة

الفنان عصام درويش كتب عن يوسف صابوني: «تعطينا لوحات يوسف صابوني أهم عاملين يرافقان التصوير بالألوان المائية: القدرة على تلقي الانطباع الأوّل ونقله إلى المساحة البيضاء، والرائحة التي تنبعث من الماء عندما يمتزج اللون، فكأنما هي رائحة الأرض والأشجار والإنسان، إن رائحة الأرض الندية في سهول القرى النائية في حلب تنبعث من لوحاته».

المؤلف في سطور

الدكتور سمير أنطاكي كاتب وباحث سوري مهتم بالشأن الثقافي.

Email