شاعر جاهلي كان سيداً في قومه

عبد الله بن العَجلان النهدي أقدم المتيّمين العرب

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تأتي طبعة كتاب «ديوان عبد الله بن العَجلان النهــدي.. أقدم المتيمين العرب»، لمحــــققه وجامـــعه إبراهـــيم صالح، من قبل الهيئة العامة السوريّة للكـــتاب في دمشق، أخيراً، بــــعد صـدور الطـــبعة الأولى عام 2010 عن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.

ويضيء الكتاب على حياة هذا الشاعر المتيم، كما يقدم نماذج من شعره الصحيح والمنسوب إليه وإلى غيره، إضافة إلى مجموعة فهارس عامة للديوان، منها: فهرس الإعلام، فهرس القبائل والجماعات، فهرس الأماكن والبلدان، فهرس القوافي والمصادر المعتمدة.

كان عبد الله بن العجلان شاعراً جاهلياً متيماً وسيداً في قومه، وابن سيد من سادتهم. أما زوجتــــه هند فهي امرأة من قـــــومه، من بنـــي نهد، وكانت أحب الناس إليه، وأحظاهم عنده، مكث معها سبع سنين أو ثماني..

ولم تلد، ما دفع أباه لتحريضه على طلاقها، والزواج بغيرها، من أجل أن يكون له حفيد، لكنه أبى ذلك في البداية، لشدة حبه لها، غير أنه نزل عند رغبة أبيه في النهاية، بعد تأليب مشيخة الحي وفتيانهم عليه، حيث تناولوه بألسنتهم، وعيّروه بشغفه بها وضعف حزمه.

بعد طلاقه لها، رجعت هند إلى أبيها، فخطبها رجل من بني نُمير من بني عامر، فبــــنى عندهم وأخرجها إلى بلده. عرضوا على عبدالله بن العجلان فتيات الحي جــــميعاً، فلـــم يقبل واحدة منهن، وقال فـــي طـــلاقه لزوجته:

فارقت هنداً طائعاً

فندمتُ عند فراقها

اشتد بعبد الله السقم، فخرج سراً مُخاطراً بنفسه، حتى أتى أرض بني عامر، حيث زوجته السابقة (هند) التي قصد خباءها، فوجدها جالسة على الحوض، وزوجها الجديد يسقي، ويذود الإبل عن مائه، فلما نظر إليها، ونظرت إليه، رمى بنفسه عن بعيره، وأقبل يشتد إليها، وأقبلت تشتد إليه، فاعتنق كل واحد منهما صاحــــبه، وجعلا يبكيان وينشجان ويشهقان حتى سقطا على وجوههما.

قصة اعتلال عبد الله بن العجلان بهند، كما رواها الإنطاكي في كتابه (تزيين الأسواق)، تقول بأنه خرج يوماً إلى شعب من نجد ينشد ضالة، فشارف ماء يُقال له (نهر غسّان) ..

وكانت بنات العرب تقصده فتخلع ثيابها وتغتسل فيه، فلما علا ربوة تُشرف على النهر المذكور، ورآهن على تلك الحالة، فمكث ينظر إليهن مستـــخفياً، فصـــعدن حتــى بقيت هند، وكانت طويلة الشعر، فأخذت تمشـــطه وتُسبله على بدنها، وهو يتأمل شفوف بياض جسمها من خلال سواد الشـــعر، ونهض ليركب راحلته فعجز وأُقعــــد ساعة ثم قال: هذه ـ والله ـ الضـــالة التي لا تُترك وأنشد:

لقد كنت ذا بأس شديد وهمة

إذا شئت لمساً للثري ا لمستها

أتتني سهامٌ من لحاظٍ فأرشقت

بقلبي ولو أسطيعُ رداً رَدَدتها

وقال واصفاً هنداً:

ومحملةٍ باللحم من دون ثوبها

تطولُ القصارَ، والطوالُ تطولُها

كأن دمقساً أو فروعَ غمامة

على متنها حيث استقر جديلها

عاد عبد الله من رحلته وقد تمكن الهوى منه، فأخبر صديقاً له فقال: اكتم ما بك واخطبها إلى أبيها فإنه يزوجك بها، وإن أشهرت عشقها حُرمتها. ونُقل عن (بلغة الإشفاق، في ذكر أيام العشاق) لابن رشيق قوله: إن عبد الله هذا، أقل العشاق أياماً. عاش مكابداً المحبة، وغصة العــــشق ثلاثين سنة. وتوفي قبل عام الفيل بأربعة أعوام. أي عام 557م.

وقال فيه قيس المجنون:

فما وَجَدَت وجدي بها أمٌ واحد

ولا وَجَدَ النهدي وَجدي على هندِ

وقال آخر:

إذ متُّ من الحبِّ

فقد مات ابنُ عجلانِ

يُشـــير الكتاب إلى أنه لم ترد أي إشارة إلى مــــن صنع ديوان عبد الله بن العجلان قديماً، لكـــن في عصرنا تصدى له الدكتور نــــوري حمودي القيسي، فجمع ما تيسر له من شعر الشاعر، وما نُسب إليه، مـــن دون فصل بين ما صح له وما لم يـــــصح، فبلغ المجموع 72 بيتاً.

Email