بيت تاريخ بلاد الشام وقصصها

متحف حماة.. آثار و حكايات قديمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوضح كتاب متحف حماة، لمؤلفه عبد الرزاق زقزوق، أنه يتكون من خمس قاعات عرض رئيسية، وهذه القاعات تضم تحفاً يرجع أقدمها إلى العصر الحجري القديم، وأحدثها يعود إلى العصر الإسلامي.

إنّ الدليل الأقدم على وجود الإنسان في سوريا هو أدوات صوانية بسيطة كالسواطير والشظايا التي خلفها الإنسان «الهومو إكتوس» منذ حوالي مليون سنة على امتداد الأودية لنهري الكبير والعاصي، كما عثر على الآثار الأولى للمعسكرات التي استعملها الصيادون قبل 600 ألف سنة في اللطامنة الواقعة شمال غرب حماة.

وجدت الأدوات الأقدم كالسواطير والشظايا الحجرية التي يبلغ عمرها حوالي مليون سنة «محردة وخطاب»، وعثر على أرضية المعيشة التي ترجع للعصر الآشوري الأوسط في اللطامنة على فؤوس يدوية كبيرة ومعاول وشظايا من الصوان، كما عثر في تشكيلة نهرية لها علامات البناء المكشوف البسيط على مستحثات عظام فيل ووحيد القرن وفرس النهر وجمل وحصان.

وكشفت الحفريات في تل حماة بيوتاً من الألف السادس قبل الميلاد ذوات جدران وأرضيات مطلية، وعثر فيها على فخار قاتم ومصقول، وعلى أدوات من الصوان والسبج (حجر بركاني لامع). ونشأت في حماة قرية مستطيلة البيوت مبنية باللبن الطيني فوق أساسات حجرية. كما عثر على أرضية وفؤوس وأجران حجرية، بالإضافة إلى دمى من الطين المشوي وفخار حلف المزخرف برسوم زخرفية ملونة بالأحمر والأسود.

تأثرت منطقة حماة خلال العصر «الكالكوليتي» بحضارات كانت قد تطورت في شمال سوريا وآشور وبلاد الرافدين، وتعرف أيضاً بحضارتي حلف والعبيد، وتتميزان بفخار ملون وباستخدام النحاس للأدوات والأسلحة، وخلال العصر البرونزي ترقت حماة إلى مركز مديني ومستوطنة كثيفة.

تأتي بقايا العصر الحديدي الأوّل في حماة من المقابر الكبيرة ذوات براق حرق الجثث تشير إلى العلاقة بالشمال وبالثقافة الحثيثة الأخيرة، وفي عام 1000 ق.م. أصبحت حماة مركز نفوذ مملكة آرامية في سوريا. وأسفر التنقيب في القلعة عن بقايا الحي الملكي مزين بتماثيل أسود ضخمة بازلتية، وقد أضعف التنافس مع الممالك المجاورة ملوك حماة في صراعهم ضد تهديد الإمبراطورية الأشورية، ثم سقطت المدينة في يد صارغون الثاني ملك آشور عام 720 ق.م.

وجد في منــطقة حماة بيوت من العصرين الروماني والبيزنطي، وكانت الجثث تدفن في نواويـــــس من الفخار أو الحجر أو الرصاص، وفــــي بعـــض الحالات كانت تُحيى ذكرى الأمـــوات بشواهد توضع فوق القـــبور، وكانوا غالباً ما يدفنون ممتلــــكاتهم الشخصية الحلي والأسلحة والسروج والأواني الفخارية والزجاجية.

حدّد الملك السلوقي أنطوخيوس الرابع /‏‏‏175 – 164/‏‏‏ ق.م. مدينة حماة، وقد اختار لها اسم «أبيفانيا»، وخططت المدينة بشوارع تلتقي في زوايا قائمة باتجاه شمال جنوب وشرق وغرب. وقد وُجدت بعض اللقى مدوّن عليها أسماء أصحابها اليونانية.

خلال العصر الروماني اتسعت المستعمرة تحت البلدة القديمة، وعثر على كتابة يونانية يرجع تاريخها إلى زمن الإمبراطور «دوميتيانوس» /‏‏‏96 – 81/‏‏‏ ق.م. وعثر على بقايا معبد يعود إلى القرن الثالث بعد الميلاد، ومن اللقى المميزة في أحد البيوت تمثال روماني صغير من المرمر لأسبازيا من القرن الثاني بعد الميلاد. وعٌرفت الفــسيفساء البيزنطية فائقة الروعة في «أفاميا وصوران وطيبة الإمام» ومواقع أخرى عديدة. واكتشفت كنيسة، فيها فسيفساء جميلة من بداية القرن الخامس جنوب غرب القلعة، كما دلّت الحفريات في تل حماة على وجود كنسية من بداية القــــرن الخــــامس، وعلى فيلا بيزنطية مدهـــشة مزينة بالفسيفساء والزخارف الجصية الملونة على الجدران.

في زمن الفتح الإسلامي عام 636 بعد الميلاد، كانت حماة بلدة صغيرة، وفتحها العرب صلحاً على يد أبي عبيدة بن الجراح ـ وتحوّلت الكنيسة البيزنطية إلى جامع، وهو الجامع الكبير. ثم ضربها زلزال في عام 1157 م، لم يترك بها أثراً، ويعود الفضل في بنائها بعد الزلزال إلى نور الدين محمود بن زنكي. وبنى سوراً حول البلدة لحمايتها من الصليبيين..

ورمم النواعير وقناطرها، بالإضافة إلى بناء العديد من المباني العامّة بما فيها المدرسة والبيمارستان، وبنى في عام 1162 م جامعه المشهور المعروف بجامع النوري، وزينه منبر خشبي جميل معروض في القاعة الخامسة. وفي عام 1178 م عُين الملك المظفر ابن عمّ صلاح الدين سلطاناً على حماة.

وفي عهده حوِّل التل القديم إلى قلعة ذات أسوار وأبراج، وأكمل ابنه الملك المنصور تحصين القلعة برصف منحدراتها بالحجارة وإحاطتها بخندق مائي صناعي. وفي عام 1229 م. تقدم الصليبيون نحو حماة من قلعة الحصن، ولكنهم هزموا في تل أفيون قرب حماة على يد الملك المظفر الثاني.

اجتاح المغول حماة للمرّة الأولى في عام 1260 م. وفي عام 1400 م هوجمت سوريا ثانية من قبل المغول بقيادة تيمورلنك الذي استقر فيها مع حاشيته لمدّة ثلاثة أسابيع، وبعد مغادرته دمر أهل حماة كل ما كان له صلة به، وعند سماعه بذلك عاد تيمورلنك بجيوشه وسلب القلعة وأحرق البيوت وأخذ معه من نجا عبيداً، وفي عام 1418 م، يروي كاتب عربي أن حماة لم يعد لها قلعة، وانتهى العهد المملوكي في عام 1516 م. بدخول السلطان العثماني سليم الأوّل إلى حمص وحماة.

ضم الكتاب صوراً لما تحتويّه القاعات الخمس، من: أدوات صوانية وسواطير وفؤوس يدوية ومعاول ونصال ومناجل وفخار عادي وملون ودمى وأختام وجرار وخرز.. وصحون، وعربتين ودولاب ومنجرة ومناصب وقوارير ومزهريات وجرار وقدور وأسرجة وفؤوس، وعدد من القوالب لسبك الأدوات المعدنية وأساور وأمشاط ودبابيس، وتماثيل ونصب ومنحوتات بازلتية لرأس أسد وثور وكتابات يونانية ورومانية وآرامية، وقطع ذهبية وخواتم وعصابات رأس ذهبية، وقطع نقد ذهبية بيزنطية، وفسيفساء، ولوح حجري عليه كتابة باللغة اليونانية ومنبر وشمعدانات وسبعة نقود ذهبية إسلامية ومجموعة من الدراهم الفضية.

Email