يرسم كتاب (تاريخ الفن الإسلامي) لمؤلفه د. عبد اللطيف سلمان، الملامح العامة للفن الإسلامي وتاريخ تكوّنه، والعوامل والشعوب التي ساهمت في عمليّة ولادته، ثم طرز هذا الفن في العمارة والتصوير والزخرفة والفنون التطبيقيّة والحِرف اليدويّة التقليديّة.
بدايةً، يستعرض الكتاب وضع الجزيرة العربيّة قبل الإسلام، فيعرّف قبائلها، والسياسة التي كانت سائدة فيها، وبيئتها الدينيّة، ثم يقف عند مفهوم الفن العربي قبل الإسلام، لاسيّما في جنوب الجزيرة العربيّة، وفن الحضر في العراق، وفن الغساسنة والمناذرة، وصولاً إلى الفن في تدمر. ثم يتحدث عن الفن العربي في ظل الإسلام، فيستعرض تاريخ نشأته، وملامحه الأولى، ودوره في خدمة الحياة..
مؤكداً أن الفن الإسلامي ليس بالضرورة هو الفن الذي يتحدث عن الإسلام، بما يحتويه من وعظ وإرشاد، وإنما هو الفن الذي يرسم صورة الوجود من زاوية التصوّر الإسلامي لهذا الوجود، وهو التعبير الجميل عن الكون والحياة والإنسان. بعدها يتساءل الكتاب عما نعنيه بالفن الإسلامي: هل هو فن عربي باعتبار أن الإسلام أول ما نشأ في الجزيرة العربيّة؟ أم أنه فن إسلامي كونه انتشر حيثما انتشر الإسلام؟
ثم أليست فنون ما بين النهرين ووادي النيل واليمن وبلاد الشام فنوناً عربيّة من أرقى أنواع الفنون القديمة وأكثرها ديمومة وحيويّة؟ وبالتالي عندما جاء الإسلام، عدّلها وأدخل عليها بعض التطورات الجديدة، كما استفاد منها، فظهر فن جديد، فيه أصالة الفن العربي، وذوق وروح الإسلام؟
لكن الإسلام لم يكتفِ بالانتشار فوق ربوع الوطن العربي الكبير، بل ذهب أبعد من ذلك بكثير. ذهب باتجاه الشرق والغرب والشمال والجنوب، فدخلت في صفوفه أمم وقوميات أخرى من فرس وهنود وصينيين وترك ومغاربة وزنوج وغير ذلك. كما ضمت الدولة الإسلاميّة تحت لوائها مسلمين وغير مسلمين، عاشوا في ظل دولة واحدة، وكانت لهم تقاليدهم الفنيّة الخاصة، وتأثروا بالعرب والمسلمين وأثّروا فيهم، واستمرت هذه التقاليد خلال العصور الإسلاميّة المختلفة، وكذلك بعد انحسار سلطة الدولة الإسلاميّة عن بلادهم.
يرى الكتاب أنه في زمن بني أميّة بدأ ظهور الفن الذي يمكن أن نسميه (الفن العربي الإسلامي). ولما آل الحكم للعباسيين، وانتقل مركز الخلافة إلى العراق، تأثر هذا الفن بالأساليب الفنيّة الفارسيّة، فلم يعد فناً عربياً إسلامياً، بل غلبت عليه صفة الفن الإسلامي. ولما كان عصر الأيوبيين والمماليك الذي ظهر في مصر والشام (ومع ميل الأمراء إلى حياة الترف) بدأ العمل على ملء القصور بالأثاث النفيس..
والتسابق في بناء القصور والمساجد والمدارس والأضرحة، واقتناء كل ما هو جميل ونادر، فتحسّنت الفنون التطبيقيّة، وخاصةً صناعة التحف. على أن أول ما يلفت النظر في شخصية الفن الإسلامي هو تمثله في أشكال مجردة، نباتيّة أو هندسيّة ثلاثيّة ورباعيّة وخماسيّة وسداسيّة مع مضاعفاتها، وقد لعب فيها الفرجار دوراً هاماً. ويأتي الخط العربي ليكمل هذه المنظومة، ويتحوّل إلى شكل من أشكال الإبداع الفني.

