بين الحبشة والعرب.. جذور العلاقات وتطوراتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتناول كتاب« بين الحبشة والعرب»، لمؤلفه عبدالمجيد عابدين، تطور علاقات الجانبين، منذ أن أسس العرب المهاجرون إلى الحبشة، دولة أكسوم، ووصولا إلى عهد انحلال هذه الدولة الذي يقابل في التاريخ الإسلامي، آخر عصر الخلفاء الراشدين أو ما بعده بقليل. كما يتناول أيضا نهوض الحبشة وازدهارها على يد الأسرة السليمانية. وكذا يوضح بعض ما استُبهم من تلك الصلات التي قامت بين الحبشة والعرب منذ أقدم العصور حتى العصر الحديث.

يشير الكتاب إلى شعوب جنوب بلاد العرب ويقصد الجزء الجنوبي الغربي الذي يمتد من خليج عدن جنوبا حتى نجران شمالا، ومن الحديدة، ميناء صنعاء وحاضرة اليمن، غربا، وحتى حضرموت القديمة شرقا. ويبين الباحث أن هذا الجزء كان مسرحا لحوادث جسام وآثار ضخام قام بها الأحباش في هذه البلاد. كما أشار إلى اختلاف شعوب الجنوب عن شعوب الشمال بوجه عام في اللغة والجنس والدين.

 فلغات الجنوب على اختلاف بسيط فيما بينها تكون وحدة متماثلة في خصائصها وكتابتها تختلف عن لغات الشمال اختلافا بينا.. والدين كذلك يتأثر في الشمال بالوثنية البابلية بينما هذا الأثر في ثنية الجنوب قليل ومحدود.

وتحدث المؤلف عن شعوب الجنوب الكبيرة: سبأ ومعين وحضرموت وقتبان. ووضح انفراد سبأ التي كانت تتخذ مأرب عاصمة لملكها بالزعامة بين شعوب الجنوب، وأن تمتلك ناصية الحكم والشهرة منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وحتى قام في القرن الأول الميلادي بنو حمير وهم غالبا سلالة سبئية، فاغتصبوا من سبأ الزعامة ونقلوا عاصمة ملكهم إلى ريدان (ظفار )، حتى يكونوا أقرب إلى البحر.

كما تناول مطامع ممالك العالم القديم في بلاد العرب، والحبشة القديمة وهجرة العرب إليها قبل ميلاد المسيح، وأشهر القبائل المهاجرة.

وفي العموم، جاء الكتاب في قسمين، تحدث الباحث في الباب الاول من القسم الأول عن تأسيس دولة أكسوم، وحضارات أخرى غير عربية في الحبشة القديمة، أما الباب الثاني فكان عن علاقة الحبشة ببلاد العرب في القرن السادس ميلادي، واليهودية وحكم اليمن، ونشوب حرب بين اليهود والحبشة في القرنين الخامس والسادس الميلاديين، وقصة ذي نواس العربية وخصص الباب الثالث للحديث عن ما بين الحبشة والمسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وانتزاع المسلمين اليمن من أيدي الفرس.

أما الباب الرابع فتناول آثار الحبشة في بلاد العرب، وكيف تأثر العرب بالأحباش، واختلاط الآثار اليمنية والحبشية، والآثار المسيحية الحبشية في اليمن، والألفاظ الحبشية في اللغة العربية.

بينما تناول القسم الثاني من الكتاب العلاقة بين الحبشة والدول الإسلامية، وغموض تاريخ الحبشة فيما بين القرنين السابع والثالث عشر، وتطور معاملة ملوك الحبشة لسلاطين مصر في القرن الرابع عشر، وتوتر العلاقة بين مصر والحبشة في القرن الخامس عشر، وانتشار الإسلام في الحبشة واستيلاء الأتراك على أراضي الحبشة..

والثورات الداخلية وقمعها وضعف شوكة المسلمين السياسية وبقاء النفوذ الروحي للإسلام في الحبشة. وبدء اضطهاد ملوك الحبشة للمسلمين المقيمين في داخل البلاد وأسبابه. واختتم الكتاب بالحديث عن الحبشة والثقافة العربية. وجاء الكتاب على صغر حجمه، ليسد ثغرة في دراسة حضارة بيننا وبينها من المشتركات الكثيرة.

Email