فارس بوخاتم.. المزاجات الاندفاعيّة في الفن

غلاف كتاب فارس بوخاتم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرصد كتاب (فارس بوخاتم / معرض استعادي)، لمؤلفه مولود عاشور تجربة هذا الفنان التشكيلي الجزائري المولود عام 1941، في قرية (المرست). إذ عاش حياة حافلة بالنضال، سواء على جبهة الفن التشكيلي، أو على جبهة القتال ضد المستعمر الفرنسي، حيث التحق بصفوف جيش التحرير الوطني الجزائري العام 1957. وكرس فنه لمظاهر الحياة اليوميّة للمجاهدين، وتجسد ذلك في سلسلة من اللوحات حملت عنوان (المعارك).

أصيب بوخاتم أثناء قطع خط موريس الذي أوحى له بلوحة (مذابح خط موريس) الموجودة حالياً في المتحف المركزي للجيش الجزائري، ونقل على إثر إصابته إلى مستشفى الصادقيّة في تونس، وهناك التقى بالدكتور فرانز فانون الذي شجعه على مواصلة الرسم، تخفيفاً لرضوض وآلام الحرب.

وبعد خروج بوخاتم من المستشفى، انضم إلى الفرع الفني الذي أُنشئ داخل (مصلحة الدعاية لجيش التحرير الوطني)، حيث كُلّف بتزيين المنشورات الخاصة بالجيش، إضافة إلى قيامه بتنفيذ رسوم توضيحيّة (موتيفات) للقصائد التي يكتبها المقاتلون. وفي العام 1961 استقر الفنان فارس بوخاتم في قرية (الكاف) مع الرسامين: مصباحي، لتراني، شنوقة، بن حميدة، قماري.

كان الفنان فارس بوخاتم (حسب الكتاب) يتمتع بالطهارة والحساسيّة والنزاهة وطبيعته القلقة غير المستقرة والاستفزازيّة.

وتميزت غالبية أعمال بوخاتم بالنضارة والشجن والحدس والشاعريّة، حيث قدم فيها جانباً من فرديّة الإنسان الجزائري التي ظلت حتى الآن مقهورة، رغم أنه كان يعيش يومها ظروفاً متميزة من تاريخه، باحثاً عن سبيل التطور لمجتمعه وثقافته، ظاناً أن التعبير الشعبي، الماضي والحاضر، يحمل عناصر قادرة على إغناء ثقافته الجديدة.

فالفن الجزائري، جزء متمم للثقافة الأفريقيّة، وثقافة البحر الأبيض المتوسط، والثقافة العربيّة، وحاول يومها ربط الأواصر، وإعادة التوازن بين الأشكال الأصيلة والأشكال المعاصرة التي لمسها السورياليون في رسومات (بايا).

وكل رأي يُعمم حول أعماله، محفوف بالحذر، خاصة مع التنوع الشديد والمبهر، للصيغ الفنيّة التي اعتمدها في إنجاز هذه الأعمال الموزعة على (اللوحات) التي تحمل فطريّة واضحة، وعلى (الرسومات) الحاضنة لترتيب ذهني راقٍ. مع ذلك، جمعت أعماله جملة من القواسم المشتركة منها: اتخاذ شخوص لوحاته وضعيّة المجابهة مع المتلقي، نزوعها نحو الملحميّة، التركيبات التجريديّة.

Email