مدخل إلى نقد الموسيقى العربية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسعى كتاب «مدخل إلى نقد الموسيقى العربية»، لمؤلفه د. أشرف عبد الرحمن، إلى التعريف بمذاهب النقد وخاصة لما نفتقده من أسس ومعايير علمية نقدية، والتي يجب أن يكون المتذوق والمستمع على دراية بها حتى ننهض بالمستوى النقدي حتى بالنسبة للعامة؛ لإتاحة مستوى فني لائق وجدير بقيمة وطننا، وما يجب أن تكون عليه موسيقانا العربية وأغنياتنا، باعتبار أن الشعوب العربية ذواقة للفن الأصيل.

ويبين المؤلف أن النقد الموسيقي بشكل عام تأخر في الظهور عن النقد في باقي أفرع الفنون الأخرى عالميا، وأن النقد الموسيقي ونشأته في العالم كانت في أوروبا في مطلع القرن الثامن عشر، ومر النقد الموسيقي بالكثير من التغيرات حتى القرن العشرين.

ثم يبين أن بداية النقد الموسيقي الحقيقي في الوطن العربي كانت في مصر على صفحات مجلة «روضة البلابل» التي صدرت عام 1920، كصدى فني وإعلامي لثورة 1919. ثم توالى بعد ذلك إصدار المجلات التي اهتمت بالجانب الفني. وكانت مجلة «روزا اليوسف» عام 1925 من أهم المجلات التي قدمت على صفحاتها نقدا في كل مجالات الحياة، ومنها النقد الفني.

ويشير الدكتور عبد الرحمن إلى أنه بعد انعقاد مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الأول في القاهرة عام 1932، أصدر الدكتور محمود أحمد الحفني مجلة أسماها «المجلة الموسيقية» عام 1936. ولم تستمر طويلا، ولكن أعيد إصدارها مرة أخرى عام 1947، باسم مجلة «الموسيقى والمسرح».

ويوضح المؤلف أن بداية النقد الموسيقي في مصر في مطلع القرن العشرين، كانت مشابهة تماما لما حدث لبداية النقد في ألمانيا في بداية القرن الثامن عشر. إذ نشأ على يد مؤلفين موسيقيين متخصصين ودارسين، أي منذ مئتي عام قبل أن يظهر في مصر.

ويتناول المؤلف طبيعة الموسيقى والغناء في مصر في القرن العشرين، ويبين أن الرواد: عبد الرحمن المسلوب وعبده الحامولي ومحمد عثمان وسلامة حجازي، كان لهم دور كبير في محاولة جادة لتطوير الموسيقى العربية، كما مهدوا لظهور سيد درويش الذي جعل للموسيقى العربية طابعها الخاص .

كما يتناول المؤلف في ابحاث كتابه، بعض المذاهب والمناهج النقدية المختلفة، كالنقد الوصفي والنقد الايديولوجي والأخلاقي والمنهج الأسلوبي والسيموطيقي. وكذلك المنهج السوسيوسميولوجي والانطباعي والتاريخي والبنيوي.

ثم يشير إلى دور ومكان الناقد الموسيقي في العملية الإبداعية، مستخدما نظرية الاتصال، ويبين أن للنقد مسؤولية مثالية في تنوير الرأي العام، وعدم إصابة جموع المتلقين بالتغييب الثقافي بالمشاركة في إيصال الثقافة العامة والخاصة لهم، عن طريق التفسير الفني تارة والتقدير والحكم الجمالي تارة أخرى.

كما يتحدث عن رواد النقد الموسيقي في مصر في القرن العشرين، كمحمود أحمد الحفني وأحمد المصري ومحمود كامل وثروت عكاشة وأحمد شقيق أبو عوف وحسين فوزي ورتيبة الحفني. وبوجه عام، يعد هذا الكتاب، النواة الأولى لمحاولة وضع مناهج ومعايير جديدة في عالم النقد الموسيقي بهدف إعادة الأغنية المصرية إلى مسارها الصحيح من جديد، ولرفع الذوق العام الذي افتقدناه لسنوات طويلة، حيث أن دور الناقد الموسيقي لا يقل أهمية عن دور المبدع والفنان نفسه.

Email