الخط العربي.. بناء تشكيلي وجمالي

غلاف كتاب الخط العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرصد كتاب ( الخط العربي/ نشأته، مبادئه، استخداماته) لمؤلفيه د. عبد الناصر ونوس ود. محمد غنوم، تاريخ الخطوط العربيّة ومبادئها وأساليبها، والتدريبات العمليّة عليها، والبناء الجمالي للعمل الفني الخطي، وصولاً إلى أعلامه ومشاهيره قديماً وحديثاً، مؤكداً على أن هذا الخط، لا يزال في مسيرته الجماليّة، متقدماً فنون العرب البصريّة.

فالأبجديّة الأوغاريتيّة (400 قبل الميلاد) خطها الإنسان العربي في الشمال السوري، ليبدأ بها صفحة جديدة في تاريخ الحضارة الإنسانيّة، يُثبّت بها المعارف والعلوم، ويرتقي بصورتها فيُبهر بها العيون.

.ومن ثم ليشهد مع ظهور الإسلام، مراحل ارتقاء ومذاهب فنية فريدة. بناءً على هذا، وحسب الكتاب، يقع على عاتق الفنان الدارس، معرفة نبذة عن تاريخ هذا الفن وأصله وأدواته وإعدادها، والبحث عن أسرار البناء الجمالي للخطوط المتعددة، وتحليل تراكيب اللوحات الخطيّة والتكوينات...

والوصول إلى هيكليّة العمل الفني الخطي القائم على نظم جماليّة تحقق التوازن والحركة والإيقاع، يُضاف إلى ذلك ما أبدعه الفنانون التشكيليون العرب الذين استلهموا من الحرف العربي، ما حدد هويتهم، وخصوصيّة تجاربهم التي انضوت ضمن ما عُرف بالحروفيّة التي أسهمت في رفد الحركة التشكيليّة العربيّة المعاصرة، وفتحت آفاقاً للمشاركة الحضاريّة في عالم اليوم. ويبين المؤلفان أنه مرت الكتابات بمراحل عدة، منها:

المرحلة الابتدائيّة، مرحلة الرسوم (الطور الصوري)، مرحلة الرموز (الطور الرمزي)، مرحلة المقاطع (الطور المقطعي)، مرحلة الصوت (الطور الصوتي)، وصولاً إلى اكتشاف الأبجدية. أما أصل الخط العربي فتحدده ثلاث نظريات : الأولى النظريّة الحيريّة (الشماليّة) والقائلة بأن ثلاثة من طي، اجتمعوا في (بقة) وقاسوا هجاء العربيّة على هجاء السريانيّة، فتعلم منهم قوم الأنبار.

ثم تعلم من هؤلاء نفر من أهل الحيرة. أما النظرية الثانية فهي النظريّة التوفيقيّة. ويُحدد الكتاب مدارس الخط العربي بالأسلوب الهندسي الذي تتميز حروفه بالاستقامات والزوايا الحادة، وإليه ينتمي الخط الكوفي بأنواعه المختلفة.

والأسلوب الليّن المائل إلى الاستدارة، ومنه خط الثلث والنسخ والفارسي والإجازة والمغربي والسنبلي والتاج. أما أدوات الخط العربي فهي القصبة والمحبرة التي تضم الحبر المستخرج من: العفص، أو البصل، أو زيت الزيتون، أو الرز، أو نوى التمر، أو قشور الرمان، وهناك الحبر الصيني والهندي.

ويُشير الكتاب إلى أن الحرف العربي يُعبّر عن العبقريّة التشكيليّة عند العرب والمسلمين، التي وصلت إلى قمة الإبداع الجمالي المتمثلة بقوة تعبيريّة كامنة في قابليته التشكيليّة وارتباطه بالهندسة ومنحه الإحساس بالقوة أو الضعف بمجرد النظر إليه، وكذا تعدد صور حروفه حسب موقعها في بداية الكلمة أو وسطها أو أواخرها، وقابليّة حروفه لإبداع تكوينات ذات خصائص معينة، ومطواعيته وليونته ومرونته التشكيليّة.

وكذلك قابيليته للمد والمط والاستمداد والرجع والاستدارات التي تكسب الكتابة حياة، وتُزيل عنها الصفة الهندسيّة، وتمنحها جمالاً وبهجة وإمكانية زخرفيّة، وتتمتع حروفه بانتصابات وانبساطات على إمكان التباين في الأوضاع.

وكذلك فإن الحروف العربيّة شديدة الحيويّة، وقادرة على التعبير عن أسمى وأرفع وأعمق ما يعتلج في قلب الإنسان من فرح وحزن ويأس ووهن، وهي جزء من الرقش العربي (الأرابيسك). وحدد الكتاب البناء الجمالي للعمل الفني الخطي بالتوازن والحركة والإيقاع وتصميم التراكيب والأرضيّة،.

ويُستخدم في الرسم والتصوير والعمارة والاتصالات البصريّة والنحت والحفر، أما أشهر أعلامه الرواد فهم: ابن مقلة، وابن البواب، وياقوت المستعصي. ومن المعاصرين:محمد بدوي الديراني، هاشم محمد، محمد عبد القادر عبد الله، حامد الآمدي، سيد حسين ميرخاني.

Email