يناقش كتاب «الصحافة الورقة والإلكترونية في دول الخليج العربي.. النشأة والتطور» للدكتور محمد يونس، تجربة الصحافة الخليجية من واقع خصوصية منطقة الخليج العربي، مسلطاً الضوء على الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإعلامية التي نشأت فيها الصحافة الخليجية.

ويوضح الكتاب كيف استلهمت الصحافة الخليجية معظم التجارب التي مرت بها الصحافة منذ نشأتها، وشكلت تجربتها الصحافية منحى ثراء في النشأة والتطور بأسلوب لا يقوم على حرق المراحل، وإنما يستوعب ظروف التطور على المستويين المجتمعي والإعلامي؛ لذا فإن أبناء هذه المنطقة صاغوا تجربتهم الخاصة في الولوج إلى عالم الصحافة، وطوروا نماذج وأشكالاً ارتبطت بهم، بقدر ما استفادوا من المنجز الصحافي في محيطهم العربي، بل والعالمي.

ويؤكد المؤلف أن التجربة الصحافية الخليجية جمعت بين ظواهر صحافية متباينة، تتراوح بين الصحافة المهاجرة التي أنشأها أبناء عُمان خلال هجرتهم إلى زنجبار، والصحافة مزدوجة اللغة التي مثلتها صحيفة «الحجاز» التي جرى تحريرها باللغتين العربية والتركية..

ومروراً بالصحافة المهاجرة (التي أنشأها أبناء عمان المهاجرين إلى إفريقيا، مع تأسيس سلطنة عربية عمانية هناك عام 1832، حيث صدرت صحف هناك تُنسب إلى شخصيات عُمانية، مثل «النجاح» عام 1911 و«الفلق» عام 1929 و«المرشد» 1942).

ويستعرض المؤلف الصحف المخطوطة التي خطها أبناء الإمارات بحبر مستخرج من سمك الحبار، خلال النصف الأول من القرن العشرين، باسم «عمان» إذ صدرت بالشارقة، وفي مطلع الثلاثينات من القرن العشرين شهدت مدينة العين صحيفة خطية أصدرها مصبح بن عبيد الظاهري تحت اسم «النخي»، وغيرها من الصحف المخطوطة الأخرى.

والصحافة الوافدة التي ظهرت في عدد من المجتمعات الخليجية، فضلًا عن الصحافة المطبوعة والصحافة الإلكترونية التي عمت جميع دول الخليج العربي. ويقول: «إذا كان ظهور الصحافة قد تأخر في منطقة الخليج مقارنة بظهورها في أقطار عربية أخرى..

حيث ظهرت أول صحيفة في مصر عام1828، وهي صحيفة الوقائع المصرية التي أصدرها محمد علي، فانع ظهرت أول صحيفة في شبه الجزيرة العربية عام 1908، وهي صحيفة «الحجاز» التي صدرت في مكة..

وفي ساحل الخليج العربي عام 1928، وهي صحيفة «الكويت»، وبذا فإن الصحافة الخليجية استطاعت أن تستوعب التطور التقني المتلاحق الذي شهدته صناعة الصحافة، وتطوعه لخدمة العمل الصحافي من خلال اقتناء أحدث التقنيات الفنية والطباعية، واستقطاب أفضل الكفاءات الصحفية في الوطن العربي، فضلًا عن اقتحام الكثيرين من أبناء الخليج لبلاط صاحبة الجلالة، حتى أصبحوا اليوم نجومًا معروفة في سماء الصحافة الخليجية».

ويواصل الكتاب رصده لنشأة الصحافة المطبوعة وتطورها في دول مجلس التعاون الخليجي، والمراحل التي مرت بها كاشفاً عن أبرز ملامح التجربة الصحفية بكل دولة خليجية، مثل تجربة الصحافة تحت الاحتلال بالكويت أثناء الغزو العراقي لها، ومستعرضاً التطورات التقنية والفنية التي مرت بها وأبرز القضايا التي تناولتها والأسماء التي أسهمت في تطورها، فيخصص فصلاً للصحافة في دولة الإمارات العربية المتحدة..

مؤكداً أن غالبية الباحثين في تاريخ الصحافة يعتبرون أن مجلة «أخبار دبي»، التي صدرت يوم 16 يناير 1965 هي أول صحيفة مطبوعة بالشكل المتعارف عليه، ويرى البعض أن الدافع الرئيس لظهور أولى التجارب الصحافية اليومية هو تلبية لرغبة الحكومة المحلية في إيصال توجهاتها وأفكارها نحو المجتمع،..

وأن يكون لها منبر إعلامي تبرز من خلاله أنشطتها وبرامجها التنموية، وربما تواكب ذلك مع نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة وقيامها عام 1971، كما تواكبت تلك المرحلة مع تطور مؤسسات الدولة الجديدة، بعد دخولها حالة من الرخاء الاقتصادي نتيجة ظهور النفط وتسخير عوائده في تنمية البلد.

ويوضح المؤلف أن الصحافة في هذه المرحلة تأثرت بمختلف الأوضاع السياسية التي أحاطت بها.

وكذلك يفرد فصلاً طويلاً عن الصحافة السعودية، التي يقسم تاريخ ظهورها إلى عدة حقب. وكذا في البحرين حيث لعبت المطابع دوراً مهماً في نشوء الحركة الفكرية في البلاد، وأسهمت في تدعيم الساحة الثقافية. وتتوالى فصول الكتاب مخصصة مساحات وافية لكل دولة خليجية على حدة في هذا الخصوص.