هدف جمالي يشمل «الصمديات» والتماثيل والأشكال الحرة

تقانات فن النحت.. أسُس «حضارة الطين والفخّار»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يبحث كتاب «تقانات فن النحت/أسس فن الخزف» لمؤلفيه د. فواز البكدش ود. نزيه الهجري، في أسس فن الخزف، والنحت الخزفي، والخزف الفني. وخزف المحترف أو «خزف الأستوديو». مهد الكتاب لموضوعاته التي يغلب عليها الجانب الأكاديمي التطبيقي، بنبذة عن الخزف في العصور القديمة، بدءًا من قدماء المصريين الذين عرفوا الطين وقاموا بعجنه وطباعته بأشكال واقعيّة..

ومن ثم وضعه في أفران خاصة ليتحول إلى فخّار، وتزجيجه وإدخاله مرة ثانية إلى الفرن ليتحوّل إلى خزف. أما في سوريا والعراق، فقد سمى المؤرخون والباحثون الحضارة الرافديّة فيهما «حضارة الطين والفخّار»، بسبب غلبة استخدام خامة الطين في الكثير من الصيغ الفنيّة في العمارة والنحت والطباعة بوساطة الأختام الأسطوانيّة، والكتابة على الألواح الطينيّة..

حيث أسهمت البيئة الجغرافيّة، ووجود نهري دجلة والفرات، وتراكم الطمي على ضفتيهما، وبسبب تغيير نهر الفرات لمجراه كل عام، سمح للخزّافين الحصول على كميات هائلة من الطينات الصالحة لفن الخزف.

كما شهدت الحضارة العربيّة الإسلاميّة فن الخزف والفخار، إلا أن أشكال الفن الإسلامي الوليد، بقيت مرتبطة بالصيغ الفنيّة والزخارف والرموز الموروثة من الفنون المحليّة للبلدان التي انتشر فيها الدين الجديد، إلى أن قام الخزّاف المسلم بابتكار صيغه الفنيّة الخاصة به. تمركزت حرفة الخزف الإسلاميّة في سوريا والعراق ومصر والغرب الأقصى وإيران وتركيا.

هدف جمالي

يُعرّف الكتاب الخزف الفني بأنه ذا هدف جمالي صرف، ويدخل فيه الصمديات، والتماثيل، والأشكال الفنيّة الحرة. أما النحت الخزفي فينفذ بطريقة البناء المباشر بالطين، دون اللجوء للقولبة. والخزف الفني والنحتي يختلف عن الخزف الصناعي الاستعمالي الذي تصنع من صحون الطعام، وعوازل الكهرباء، والأنابيب الفخاريّة، وبلاطات الجدران والأرضيات، وأطقم الحمامات، وغيرها من الأدوات التي يحتاجها الإنسان في حياته اليوميّة.

فنون تشكيلية

ثم يقف الكتاب عند خامات الفخار وخواصها مؤكداً أن معظم الأواني الفخاريّة (إلى يومنا هذا) تتألف من الطين المزجج، والخزف هو الفن الذي تلتقي فيه الفنون التشكيليّة والعلوم الكيميائيّة والفيزيائيّة التطبيقيّة. أما المعاصرة في هذا الفن، فتعني تمثله لروح العصر التقانيّة والإبداعيّة الابتكاريّة. وإنجاز الخزف يتم بطريقة تقليديّة أو آليّة حديثة..

وهي أنواع منها: التشكيل بالكرات الطينيّة، أو اللفائف، أو بالشرائح، أو بالدولاب الدواّر، أو بالطباعة على الطين، والصب بالقرطاس. أما الخزف البارز والغائر، فيمكن تنفيذه بالأختام الأسوانيّة، والضغط على المسطحات الطينيّة والجصيّة.

زخرفة الخزفيات

ويفرد الكتاب أحد فصوله للتسوية. أي حرق الطين ليتحوّل إلى فخار ثم إلى خزف. والتسوية هنا تعني عمليّة كيميائيّة حراريّة تحوّل الطينات الفخاريّة إلى مادة صلبة، تبدأ من الفخار وتنتهي بالخزف، بعد أن تتم عملية تزجيج الفخار وإدخاله مرة ثانية إلى الفرن. ثم يتحدث عن زخرفة الفخاريات والخزفيات التي برع فيها الخزّافون المسلمون.

وهي تتم قبل التسوية وما بعدها. أما أنواع الزخارف المستخدمة فيها، فهي في الغالب من نتاج ثقافات محليّة صغيرة، أو نتاجات حضارات كبرى، وقد اتسمت زخارف شرق آسيا وجنوبها بأشكال الورود والزهور وبعض المشاهد الآدميّة، إضافة إلى الكتابات كما هو الحال في الخزف الصيني والياباني والكوري، وهي من أكبر مراكز القارة الآسيويّة في إنتاج الخزف حتى يومنا هذا.

كما تميز الخزف الفارسي بما يُسمى «السعفة الساسانيّة»، التي نلحظ أثرها في الفن الإسلامي والمشغولات الخزفيّة، والكتابات العربيّة. كما اهتم العرب المسلمون بصناعة الخزف، واكتشفوا البريق المعدني، وأبدعوا أهم التحف الخزفيّة الإسلاميّة الخالية من الرسوم الآدميّة، والمعتمدة على الخط العربي.

أما أبرز المراكز التي اشتهرت بإنتاج الخزف الإسلامي فهي: سامراء والرقة والفسطاط وبلنسية ومكة المكرمة ودمشق وقاشان وأزنيك. كما اشتهر الأتراك والمماليك والفاطميون بأساليبهم الزخرفيّة الخاصة.

المؤلف في سطور

د. فواز البكدش نحات وأكاديمي درس الفن في دمشق وباريس. أما د. نزيه الهجري فهو نحات وأكاديمي درس الفن في دمشق وبولونيا، وكلاهما من أعضاء الهيئة التدريسيّة في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق.

Email