الاستثمار الصيني متكافئ وعادل إلى حد ما

التكالب على نفط إفريقيا..عائد الدم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبحث كتاب "التكالب على نفط إفريقيا"، لمؤلفه جون غازفنيان (ترجمه إلى العربية أحمد محمود)، في صعود وهبوط وسقوط برنامج إدارة عائدات النفط فى دولة تشاد، الذي كان مقصوداً به التعاون مع البنك الدولي، لضمان أن أموال النفط ستفيد الشعب التشادي، لكن هذه الأموال استخدمت في شراء السلاح وشراء الولاء، وفي النهاية أدت الحرب الأهلية إلى انهيار الاتفاق واصبح بمقدور الحكومة استخدام تلك الأموال لخوض حروبها الأهلية، والواقع أن تحذيرات تطوير النفط، من جانب العديد من المنظمات غير الحكومية، تحققت.

ويتناول الكتاب أثر الاستثمار الصيني على القارة الإفريقية بشكل عام، ولا يستنتج جون غازفنيان أن الاستثمار الجديد كالاستثمار الغربي، لكنه يتبنى وجهة نظر أكثر حيادية وموضوعية، مفادها أن تلك العلاقات تكافلية، ولا تختلف كثيراً عن جهود الغرب لضمان النفط الإفريقي، وله كذلك رؤى متعمقة لافتة للانتباه بشأن كيفية تأثير نموذج الاستثمار الصيني على مقاربة البلدان الأخرى للنفط الإفريقي، كالهند وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا.

ويرى المؤلف أن إفريقيا جنوب الصحراء تمثل لأوروبا والولايات المتحدة، لعبة نفطية. ولكنه يستبعد أن تحل إفريقيا محل الشرق الأوسط، وإن كان النفط الإفريقي أكثر أماناً، لابتعاده عن حقل ألغام سياسة الشرق الأوسط والاحتجاجات على العولمة. كما توجد كميات كبيرة منه في البحر، بعيداً عن شبح التمردات والحروب الأهلية. ويقدم الكاتب مجموعة من التحليلات والرؤى في هذا الصدد..

مبيناً افق المستقبل الاستثماري، وماهيات نظريات الصراع المفترضة في هذا الخصوص. ولا يغفل تبيان مواقف وخطط كافة الدول لتغنم اكبر قدر من الحصص في النفط الافريقي. ويخوض المؤلف هنا، في شرح الصراعات، الخفية منها والظاهرة والمستقبلية، التي نشأت وستنشأ بفعل الأطماع الغربية والالسيوية، في النفط الإفريقي.

ويقول غازفنيان، إن سرعة الانتعاش النفطي الإفريقي أغرت شركات التنقيب، وإن ثلث الاكتشافات النفطية الجديدة في العالم، منذ عام 2000، جرت في إفريقيا التي يتميز نفطها بجودته وسهولة ورخص تكريره عن خام الشرق الأوسط، فضلاً عن وجوده في منطقة آمنة..فلا يوجد ما يدعو إلى القلق بشأن قناة السويس التي يمر عبرها نفط الخليج، متجهاً شمالًا عبر البحر المتوسط.

ويوضح غازفنيان ان كتابه رحلة في قارة يراها كثيرون، مجرد صور مألوفة للحر الخانق ومعسكرات اللاجئين التي يتفشى فيها الذباب والموت جوعاً.. والأطفال المشردين الأبرياء، وحمولات الشاحنات من الجنود الأطفال التي تمضي مسرعة عبر القرى المتربة. ولكنه يرى في إفريقيا استعداداً للتعافي والنهوض.

ويعيب المؤلف على بعض زعماء العالم، عدم الإدراك الكافي لإفريقيا، مستشهداً بقول رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير عام 2001، إن حالة إفريقيا.. ندبة في ضمير العالم. وقول الرئيس الأميركي السابق جورج دابليو بوش، إن دولة إفريقيا يتفشى فيها المرض. ويعلق غازفنيان : "إن كل زعيم كشف، من دون أن يقصد عن الموقف السائد لشعبه تجاه إفريقيا".

ويسجل غضب بعض الأفارقة القائلين إن النفط كان نقمة عليهم.. إذ لم يخرج سوى أسوأ ما في الناس، إضافة إلى عدم ثقتهم برغبة الغرب في تنمية القارة، بل يقف في وجه التنمية التي لم تتحقق الى الوقت الحالي، بسبب ضعف كفاءة إدارة عائدات النفط.

ويقول إن الغرب من أجل الحفاظ على تدفق النفط من الشرق الأوسط، توصل إلى تسويات مثيرة للجدل مع الحكام. أما إفريقيا فتواجه تحدياً أكثر تعقيداً وخطورة، ويتمثل في الدول الفاشلة أو التي تترنح دوما على حافة الفشل.

ويسجل غازفنيان تنبيه دعاة حقوق الإنسان إلى الكثير من التسويات المهلكة مع المستبدين في إفريقيا، لأجل النفط، رغم ما يحتمل أن يكون لذلك من نتائج مفجعة، وفي مقدمتها صراعات يحركها وعد الثراء للطرف الأقوى داخل الدولة الواحدة.

 المؤلف في سطور

 جون غازفنيان. صحافي ومؤرخ أميركي نشأ في لندن ولوس أنجلوس. من مواليد إيران. لديه كتابات عن سياسة النفط الإفريقية. حصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة أوكسفورد. ونشر أبحاثاً وألقى محاضرات في الجامعات والمعاهد العلمية في كل من بريطانيا وأميركا.

 الكتاب: التكالب على نفط إفريقيا

تأليف: جون غازفنيان

ترجمة أحمد محمود

الناشر: المركز القومي للترجمة القاهرة 2013

الصفحات: 376 صفحة

القطع: الكبير

Email