يتناول كتاب «في مديح الأدب»، لمعده أحمد الوزيري، الكلمات التي ألقيت بمعرفة بعض الكتاب الذين حصلوا على جائزة «نوبل» للآداب، أثناء الاحتفال بحصولهم على الجائزة. إذ جمعها وقدم لها الوزيري. كما أنه حرص على تسجيل كلمة حول الكاتب.
ويبين الكتاب، كون اسم خوسيه ساراماغو (1922- 2010م)، هو أساسا لنبتة «فجل الخيل» التي يتغذى عليها الفقراء في البرتغال، موضحاً أن أباه هو من فقراء الفلاحين، وعمل كرجل شرطة. وكان الصغير خوسيه، نبيهاً متفوقاً، ولم يكمل تعليمه، والتحق بورشة لإصلاح المفاتح، إلا أنه كان يتابع القراءة وتثقيف نفسه، ومن ثم بدأ بالكتابة الروائية والشعرية.
كتب ساراماغو أيضاً في القصة القصيرة والمسرح والنقد، وأيضاً في المقال الصحافي، مع المشاركة في الندوات والنشاطات الأدبية، حتى نال خلال رحلة حياته، الدكتوراه الفخرية، والجوائز الأدبية.
وأكبرها جائزة نوبل. وقال في كلمته «في مديح الشخصية الروائية»، إنه حتى الرابعة عشرة من عمره، ارتبط بجده وجدته لأمه، فكان يتابع معهما رعاية وتربية ستة خنازير، إذ يعيشون على بيع الصغار.. وكم كانت متعة الصغير في سماع جده يقص عليه بعض الحكايات الشعبية، أو من التراث الشفاهي، وفي كل مرة يسأله الصغير أن يزيد.
وأوضح ساراماغو أن جدته بقيت على نمط تلك الحياة الشقية، مع ذلك اعتادت أن تجلس على عتبة باب الدار الفقيرة، وتتأمل السماء والنجوم المتلألئة ثم تقول، إنها لا تحزن لموتها، إلا لأنها ستفقد هذا الجمال! وكما كان لجده وجدته تلك الملامح (الروائية أو الفنية)، كانت شخصية الأب والأم، وهؤلاء هم بداية الذخيرة القصصية التي عمل بها في أعماله الروائية، وإن تنوعت وتعددت ألوانها وأنماطها.. بذلك جاءت كلمته بعنوان «في مديح الشخصية الروائية».
ويبين الكتاب أن البريطاني هارولد بينتز (1930- ).. لأبوين روسيين، عاش في صباه وشبابه مشكلة البطالة والمهمشين.. كتب الرواية، وهو من الكتاب الذين عارضوا الغزو العسكري للعراق وأفغانستان، وحصل على نوبل في عام 2005م.
وبدأ كلمته في الاحتفال باستلام الجائزة: في سنة 1958م: "ليس ثمة عناصر تمييز واضحة، من شأنها الفصل بكيفية حاسمة، بين ما هو واقعي وما هو غير ذلك، وبين الأمر الصائب والخاطئ. إن الشيء في ذاته، ليس بالضرورة صائباً، ولا خاطئاً، وإنما من الممكن أن يكون في الآن ذاته، شيئاً من قبيل الصواب، ومن قبيل الخطأ أيضاً».
ويعرض الكتاب لكلمة أورهان باموك (1952- )، الأديب التركي الذي فاز بالجائزة أيضاً، موضحاً أولاً أنه من أسرة ميسورة، ذات تكوين ثقافي فرنسي، درس الهندسة ثم الأدب. وركز على التاريخ التركي والأسطورة والكتابات الصوفية، ونجحت رواياته في تركيا وخارجها، وترجمت إلى أكثر من 20 لغة.
وحصل على الكثير من الجوائز قبل جائزة نوبل. وجاء في كلمته «حقيبة أبي»: «قبل وفاته بعامين، أمدني والدي بحقيبة صغيرة كانت ملأى بكتاباته الخاصة، ودفاتره. وحيث استعاد مزاجه المرح، قال إنه يريدني أن أقرأ محتوياتها بعد وفاته.
وأذكر أني بقيت لبضعة أيام، أطوف حول تلك الحقيبة، بعد رحيل أبي، من غير أن ألمسها. كنت منذ طفولتي على معرفة بتلك الحقيبة، التي تنتمي لنوع يدعى (المغربي الأدهم)، وكان أبي يستخدمها في السفريات القصيرة، وأحياناً يضع بها أوراقه وهو ذاهب إلى العمل، وكثيراً ما كانت معه أثناء سفره إلى فرنسا، حيث كان يسجل بعض الأشعار في دفاتره هناك..
لم أقو على الإمساك بها، ولا على فتحها، ما حال بيني وبين الاقتراب من حقيبة أبي، هو خوفي من إمكانية استهجان، ما كان أبي قد كتبه.. إن سر الكتابة، لا يكمن بالنسبة لي في أي إلهام مجهول الأصل، وإنما هو ممكن في الصبر والإصرار، وحسب.
كانت من عادات أبي أن يستلقي فوق الأريكة بحجرة المكتب، وإلى جواره المجلة أو الكتاب، يتابع تأملاته.. وكان يرتسم على محياه، تعبير جديد، غير وجهه وهو وسط الجو العائلي.. والآن بعد تلك السنوات صرت أعي أن تلك الحيرة، وذلك القلق إنما هما من الأمور التي تجعل من الإنسان كاتباً».
وفى الختام يقول باموك: «ولكم أود كثيراً، أيتها السيدات والسادة الكرام أعضاء الأكاديمية السويدية التي توجتني اليوم بهذه الجائزة الكبرى، وكرمتني بهذا الشرف العظيم، أو معشر الضيوف ذوي القدر الرفيع - لكم أود لو أن أبي كان اليوم بيننا!».
كما يتضمن الكتاب، تعريفاً بمجموعة من الكتاب الفائزين بنوبل. وكذا كلماتهم التي ألقوها في حفلات التتويج، مثل: جان ماري، غوستاف لوكليزم، هيرتا مولر.
«.. بعد تلك السنوات صرت أعي أن تلك الحيرة وذلك القلق من الأمور التي تجعل من الإنسان كاتباً»
أورهان باموق
الكتاب: في مديح الأدب
المؤلف: إعداد: أدباء نوبل أحمد الويزي
الناشر: كتاب مجلة الرافد - نوفمبر 2012م
الصفحات: 260 صفحة
القطع: الصغير

