إضاءات على جاذبية 8 صحاري حول العالم

«العالم اللامحدود».. تضاريس وتاريخ

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ضمن تقليد أدبي كلاسيكي، يقدم مستكشف التضاريس الوعرة ويليام أتكينز كتاباً ثرياً عن أسفاره إلى ثماني صحاري حول العالم، مستحضراً في سياق ذلك الجاذبية الخالصة لتلك الرمال اللامتناهية النائية والخطرة، التي أسرت قلوب وعقول المستكشفين والرحالة عبر التاريخ.

لكن رحلات المؤلف تلك لا تقف عند التأمل في تلك المواقع الزاهدة، لكن أيضاً في أشيائها ومخلفاتها مثل الأديرة والجدران الحدودية والمواقع النووية. ويتخلل الكتاب مقتطفات لكتاب وشعراء، لكنه أيضاً كتاب اجتماعي عن التاريخ والجغرافيا والدين والسياسة والأدب، حيث تمتلئ صفحاته بالأفكار والحكايات التي سردها مستكشفون من العصر الفيكتوري، وأوراق بردى عائدة لبوذيين قدامى، ومذكرات مبشرين ومجلدات للرهبان.

يعرج أولاً على الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية، ثم أراضي التجارب النووية في أستراليا، وبحر الآرال الجاف في كازاخستان، و«البحار الرملية» المتقلبة في شمال غرب الصين، وصحراء سونورا في المناطق الحدودية في أريزونا، ومهرجان «بورنينغ مان» في بلاك روك بنيفادا، والأديرة القديمة في الصحراء الشرقية لمصر، مضيئاً في سياق ذلك على الناس والتاريخ والتضاريس ورمزية لتلك الأماكن النائية.

تأمل

لكن كتابه ليس رحلة استكشاف بقدر ما هو سعي روحي من أجل التعافي والتأمل، فالمؤلف يوضح في مستهل الكتاب أنه ذهب إلى الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية على أثر نهاية علاقة حب. فمع كل جمال الصحراء، يبقى السفر إليها كإلقاء النفس في غياهب النسيان.

ويبدو أتكينز أنه يهاب الصحراء التي يصفها بالمناطق «الميتة» و«المهجورة»، لكنه مولع أيضاً بتقشفها وزهدها، وكان رحالة سابقون قد تركوا تأثيراً كبيراً في نفسه. يكتب في مستهل الكتاب: «بدأت بتجميع مكتبة لرحلات إلى الصحراء، معظمها لمسافرين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؛ قرأتها بدون نظام أو تماسك، خصوصاً جغرافياً. لقد دفعني نوع من إلحاح، كما لو أنني أنقب الصفحات بحثاً عن رمز لإبطال مفعول قنبلة». لكن أتكينز، مع ذلك، يسخر ممن يعتبرون أنفسهم من المستكشفين ويعتبرهم «سلالة جديدة من المتعصبين».

المؤلف يوثق سفراته زمنياً. كل قصص رحلاته ينسج جوانب من التاريخ والجغرافيا. فالصحراء نظام بيئي حي معقد، ولقد صب الكثير من جهوده البحثية على وصف الكثبان الرملية.

سلطنة عمان

كأسلافه الإنجليز يأخذ أقرب المسالك إلى الصحراء متوجهاً نحو الربع الخالي. وفي رمال الصحراء المتحولة في سلطنة عمان، يلاحق قصص ويلفريد ثيسيجر وبرترام توماس وهاري سانت جون فيلبي، ويبدو مفتوناً بسكون الحركة المتواصل.أستراليا

وفي صحراء أستراليا حيث التجارب النووية، تندمج الأغبرة المتطايرة من المناطق النائية غير المأهولة مع دوائر من الدماء، في مخيلة أتكينز، هي مخلفات الحرب الباردة والدمار النووي.كازاخستان

وبمزيد من الكآبة، يسير أتكينز في قاع بحر الآرال في كازاخستان، ويكتب عن الفراغ الذي سببته عقود من السياسات السوفييتية بتحويل نهري أمو وسير لتحقيق الاكتفاء الذاتي بالقطن، ويصفه: «كمحجر عين من دون عين».

ويعرج بعد ذلك إلى صحراء سونورا على الحدود الأميركية مع المكسيك، ويتحول إلى واعظ سياسي.

وفي نيفادا، يحضر مهرجان «بورنينغ مان»، الصحراوي الفنتازي في غرابته وسورياليته. كتاباته تنتقل بشكل سريع من الدهشة إلى القلق.

مصر

ثم يشرع في رحلة أكثر تقشفاً إلى دير القديس أنطونيوس في الصحراء الشرقية في مصر، كمكان للانسحاب والتنسك.

السفر بالنسبة لأتكينز هو بالقدر نفسه عن الناس بقدر ما هو عن الأماكن. ويكشف المؤلف بنثر شاعري العديد من مظاهر الصحراء بكثير من الخيال، منحرفاً عن التاريخ البشري والطبيعي إلى نوع من تجربة شخصية أشبه بالحلم. والنتيجة يقول مؤلف كتاب «ليفيثان» كتاب تضيع فيه لتجد عالماً آخر.

 

Email