«نساء صغيرات»دأبهن صداقة ومحبة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تصنف رواية «نساء صغيرات» للأميركية لويزا ماري الكوت (1832-1888)، ضمن الكتب الكلاسيكية المهمة في اللغة الانجليزية، وألفتها الروائية للفتيات الصغيرات في عصر«القرن الـ19» شهد بداية انطلاق الحركات المنادية بالمساواة بين الجنسين، ولاقت رواجاً واسعاً.

وستعود هذه الرواية/‏‏‏ الدراما العائلية، قريباً، إلى الشاشة الفضية في إنتاج جديد، بعد مئة عام على إنتاج أول فيلم سينمائي صامت عنها عام 1917. وهي تتابع حياة أربع أخوات لأسرة «مارش»، خلال مرحلة انتقالهن من فترة الطفولة إلى البلوغ، ميغ وجو وبث وأيمي، ذلك في اقتباس لطفولة الكاتبة مع أخواتها في ماساشوستس بالولايات المتحدة الأميركية منتصف القرن ال19، وهي فترة نهوض الحركات النسائية التي كانت الكاتبة من أنصارها حتى وفاتها عام 1888.

دروس

عند قراءتها، تبدو الرواية للقارئ من نوع قصص الصغار المليئة بالدروس الأخلاقية المباشرة والمملة في صيغتها، لكنها أكثر تعقيداً من ذلك في طريقة معالجتها العادات الاجتماعية السائدة في عصرها.

على الأشياء المادية، رسالة متأصلة في البيئة الثقافية التي عاشت في كنفها الروائية، فوالدها كان من أنصار مذهب «التسامي» الذي يعتقد بالطيبة الكامنة في الناس والطبيعة، وعاشت الكاتبة مع الأسرة لفترة ضمن «مجتمع يوتوبيا ريفي»، وكانت مطلعة على التقليد الديني التربوي في ذلك العصر، فاصطدمت بآراء والدها المتزمتة بشأن تربية الأطفال وأسلوبه المتسلط وفلسفته في نكران الذات.

وتصور الكوت بالرواية مؤسسة الأسرة كمجتمع نسائي تضامني، مبني على الصداقة والأخوة والتضحية من أجل إسعاد الآخرين، لكنها تضع لمستها المتمردة. فالفتيات في الرواية يتصفن بالتقوى والطاعة والكد في العمل وعمل الخير وضبط النفس لدرجة نكران الذات، لكن البطلة (جوزفين) تكافح للارتقاء إلى تلك القيم بطبعها غير الخانع.

حيرة فقرار

تدور أحداث الرواية ليلة عيد الميلاد أثناء غياب الوالد في الحرب الأهلية الأميركية. العائلة فقيرة.. وتساعد الفتاتان، مارغريت (ميغ) وجوزفين (جو) وهي بطلة الرواية، في إعالة الأسرة. فتعمل ميغ (16عاما)، الشقيقة الأكبر سناً، مربية لأسرة ثرية في المدينة، فيما تساعد جو (15 عاماً) عمتها الثرية.

جو، متمردة وجريئة في العمل، وسترفض الزواج من صديق العائلة التقليدي لوري، وأرادت الكاتبة أن تشبهها بنفسها، فهي بقيت عزباء طيلة حياتها : «كان ينبغي أن تظل جو الأديبة العزباء، ولكن الكثير من السيدات الشابات المتحمسات كتبن لي رسائل صاخبة يطالبنني بأن تتزوج جو من لوري، أو شخص ما، ولم أكن أجرؤ على الرفض والعناد.. فقمت بتزويجها بدلا من ذلك من بروفسور ألماني يكبرها في السن».

وللفتاتين أيضاً أختان، هما بيث (13 عاماً)، الهادئة والخجولة التي تحب الدمى والقطط، وتساعد أمها في رعاية الأسر الفقيرة، والتي ستمرض بالحمى القرمزية وتوافيها المنية، وايمي الأخت الصغرى (12 عاماً)، الفنانة الموهوبة المدللة التي ستترك الفن وتتزوج بلوري بعد فترة قصيرة من وفاة أختها بيث. وفي القصة أيضا هناك شخصية الوالدة التي تحاول إرشاد الفتيات وتشكيل شخصياتهن وفقا لمنظومة مفاهيم ذاك العصر.

وجزء كبير من الرواية يدور حول علاقة جو بجارها الثري لوري، وعبر صداقتهما ستنمو جو كامرأة وتتعلم الاستقلالية والشجاعة، فيما سيتعلم لوري من الأخوات الاعتناء بالآخرين وعمل الخير وضبط النفس. وعلى الرغم من أنهما لم يتزوجا في النهاية، إلا أنهما يحافظان على علاقة صداقة مدى الحياة.

تأثير كبير

راجت الرواية في القرن العشرين وسط ندرة الفتيات غير التقليديات اللاتي يتولين زمام حياتهن في ذلك العصر. ووفقاً للنقاد باتت «النص النموذجي للشابات في ذاك العصر، حيث تظهر ثقافة الأسرة الأدبية بوضوح».

لكنها تعرضت للنقد، في المقابل، حيث اعتبرها البعض بداية لتراجع قوة الرواية النسائية، والتحول إلى قصص الأطفال المنزلية المحكية، لكن القراء كانوا مستجيبين في ذلك العصر لأفكار التغيير الاجتماعي كما ظهرت «في إطار بناء مألوف داخل المنزل»، وهو ما ترك للرواية هذا التأثير الكبير، حيث أصبحت حياة جو المفضلة لدى النساء بما في ذلك المتعلمات منهن في القرن العشرين، ما يوازي، وفقا لأحد النقاد، «قصص مغامرات الفتيان».

48

جعلت الكوت «قضايا المرأة جزءا لا يتجزأ من قصصها» وتبقى رواياتها مقروءة بشكل واسع حتى يومنا هذا. ووفقاً لهيئة التعليم الوطني الأميركية، كانت روايتها «نساء صغيرات» «بين مئة كتاب للأطفال على لائحة الأساتذة»، وفي عام 2012، احتلت المرتبة 48 بين روايات الأطفال الخالدة في مسح لمجلة «سكوول ليبراري جورنال».

Email