«أشياء تتداعى»

صراع ثقافي في حلبة التمييز العنصري

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تظل رواية «أشياء تتداعى» للكاتب النيجيري الراحل تشينوا أتشيبي، إحدى علامات الرواية العالمية المعاصرة البارزة؛ كونها تعالج قضية الاستعمار الإنجليزي في دول أفريقيا والتبشير بالمسيحية، إضافة إلى بنائها الفني وأسلوب أتشيبي السردي المميز؛ ولذا صُنفت الرواية ضمن قائمة مكتبة بوكلوبن العالمية - التي نُظمت عام 2002م.

وشارك في وضعها مئة كاتب من 54 دولة مختلفة، لأفضل مائة كتاب عالمي. صدرت الرواية للمرة الأولى عام 1958م، عن دار نشر وليام هاينمان المحدود في المملكة المتحدة، وترجمت إلى 50 لغة، وبيع منها أكثر من 8 ملايين نسخة.

حبكة هادفة

تصنف رواية «أشياء تتداعى» على أنها أدب أفريقي حديث، وتعتبر كتاباً أساسياً في المدارس في جميع أنحاء أفريقيا، ويتداولها القرّاء على نطاق واسع في الدولة الناطقة باللغة الإنجليزية في جميع أنحاء العالم. تتناول الغزو الإنجليزي لأفريقيا تحت عباءة الدين والتبشير بالمسيحية، وسط القبائل الوثنية. و

يصور أتشيبي حياة هذه القبائل وكيف تحدت الإنجليز وبعثاتهم التبشيرية، الأمر الذي جعل المبشرين يعملون في الخفاء حتى تنتشر المسيحية وتستسلم المجموعة الباقية على الوثنية؛ إلا «أوكونكو» بطل الرواية يقرر أن يحارب الرجال البيض وحده.

أحداث

تصوّر الرواية حياة «أوكونوكو» حاد الطباع، وهو زعيم وبطل مصارعة في «يوموفيا»، إحدى القرى من مجموعة تسع قرى خيالية في نيجيريا، وعندما أصبح في ال18كان معروفاً في الولايات التسع حوله؛ لشجاعته وقوته في المصارعة.

وكان «أوكونوكو» يكره أن يشبه أباه «أنوكا»؛ نظراً لكونه سكيراً وضعيفاً، ولذا قرر أن يكون الأقوى، فكان له ما أراد، حيث أصبح أشهر لاعب مصارعة..

لا تسير الأمور كما أراد لها «أوكونوكو»، إذ نفي إلى بلاد أمه لمدة سبع سنوات، بعد أن قتل شخصاً .. وبهذا يفقد حُلم زعامته ويخرج من قبيلته تاركاً خلفه أهله وبيته وأحلامه، وعندما يعود بعد سبع سنوات يجد كل شيء تغير؛ فالمستعمر سيطر على البلاد وانتشرت المسيحية، حتى أن ابنه اعتنقها وتخاذل باقي أفراد القبيلة عن مقاومة الإنجليز.

ويجد «أوكونوكو» نفسه وحيداً في مواجهة الرجال البيض.. وهنا يقرر أن لا يستسلم، ويدفع بنفسه في مواجهة الإنجليز ويقتل مبعوث الإدارة البريطانية.. وهكذا صدر قرار بإعدام «أوكونوكو» ليسقط الرجل الأسود على يد الرجال البيض، حيث يفضل بطل الرواية الانتحار على أن يُعدم بمشنقة الاحتلال.

زمن وأجواء الرواية

يبدو من أحداث الرواية أنها تدور خلال أواخر القرن التاسع عشر، حيث الاستعمار البريطاني لأراضي أفريقيا. واستطاع أشهر روائيي القارة السمراء: تشينوا أتشيبي، أن يدخل القارئ في تفاصيل روايته ويجعله يعيش أجواء مغايرة لما اعتاده؛ حيث ذلك المجتمع العجيب في ثقافته وتراثه وقوانينه الاجتماعية والاقتصادية وعاداته وتقاليده الغربية. وتتطرق الرواية إلى حياة القبائل في نيجيريا قبل وبعد الاستعمار، عارضة لأثر الاستعمار عليها.

الخلاصة

يضع تشينو القارئ في العمل، أمام ثقافتين مختلفتين تماماً، تتصارعان: الأولى ثقافة القبائل الأفريقية بتراثها وأساطيرها وعاداتها، والأخرى الثقافة الإنجليزية التي جاءت كمحتلة للأرض وأرادت تغيير ثقافتها وفكرها.. إلا أن تشينو - رغم أنه عكس صورة أصحاب الأرض على أنهم ينتمون إلى عالم الأساطير والخرافات والمستعمرين إلى عالم الثورة الصناعية-، انتصر لأصحاب الأرض عندما رفضوا الدخول في حرب دموية مع الإنجليز يذهب فيها ضحايا كُثر من الطرفين، في حين قدم البريطانيون على أنهم، رغم تقدمهم، لم يهتموا لقيمة الإنسان، ولم يتراجعوا عن قتل من يقف في طريق سياستهم الاستعمارية.

Email