في عالم يحتاج لتوعية وخط السبيل في اختيار القدوة نظراً للاحتياج الفعلي الذي نعاصره لمن يستحق أن يكون المثال الذي يحتذى به فنستقي من علمه وفهمه ونرتفع أكثر لمحاورة نجومه وأبعاده يأتي كتاب «ابن ماجد المعلم الأريب في إفهام اللبيب» ليقدم لنا النظرة الواعية لحقيقة أسد البحار ابن جلفار.
يبدأ محمد نجيب قدورة بترجمة لابن ماجد بعنوان «بين يدي الكتاب» يختمها بتوضيح منهجه في الكتاب؛ ليبدأ بالمقدمة بعنوان «الوعي التربوي» وهي أشبه بالتمهيد يعرف فيه «ماهية الوعي» و«مسائل في منظار الوعي التربوي» يجلي فيه الزيف الذي قد يلحق ما وصلنا من تاريخ بتوجيه المعلم؛ لينتقل إلى «الوعي الشخصي» يعرف فيه «النشأة والتعريف» و«ملامح شخصية ابن ماجد» ثم «مظاهر الوعي الشخصي» إلى «الرؤية الواعية لشخصية ابن ماجد».
وفي «الوعي الديني» يلتفت إلى أهم ما اخترعه ابن ماجد؛ وهي البوصلة التي نعرف بها اتجاه القبلة للصلاة ويفصل أكثر بعلامات ذلك عنده من خلال أشعاره ليختم بالرؤية الدينية الواعية عند ابن ماجد؛ حيث إنه يرى الله نصب عينيه ثم ينتقل إلى «الوعي العلمي»؛ يوضح فيه منهجه التجريبي الموضوعي و«التفكير الواعي عند ابن ماجد» و«روحه النقدية» ثم «وصاياه وتعاليمه» و«تصانيف ابن ماجد واختراعاته»؛ ليعرج بعدها إلى «الرؤية العلمية الواعية في رحلات أحمد بن ماجد». وفي «الوعي الأدبي» حيث تنفس شعره البحر وعلومه وأسراره وحفل بطابع علمي ونظريات مع شاعرية غناء يهوى التجديد والفريد ولا يؤمن بالتقليد؛ فأوضح إنه «شاعر العلماء» وما هي «علامات ودلائل الشاعرية» ثم «ملامح الأسلوب العلمي المتأدب» الذي تميز بها شعره؛ لينتقل إلى «الوعي السلوكي» فيوضح ملامحه ويقف على وصاياه لأهل البحر فيحللها أكثر، مستلهماً أثره التربوي ليؤكد أن «العلم في الأساس سلوك، ولا خير في علم لا يتحول إلى سلوك»؛ ليستخلص الأهداف السلوكية ويكمل بنظريته في التربية السلوكية ثم «الرؤية السلوكية الواعية»؛ ليختم الكتاب بـ«وعي التاريخ».
لغة الكتاب غنية منهجية علمية صفت ملامح ابن جلفار ودحضت عنه الافتراءات التي نالت من سيرته وطمست أثره أو حاولت؛ من خلال تتبع منهجي لأشعاره ومؤلفاته وآثاره وما ذكره الباحثون عنه؛ فأثبت إنه قدوة تستحق الإشادة والاستنارة بهديه؛ فهو مؤسس علوم الملاحة البحرية والبوصلة وتميز بمنهج سلوكي تربوي وكان «الوعي» محور الكتاب.