أكثر من قصة قصيرة وأقل من رواية هو آخر إصدارات الكاتب ريتشارد فورد، الحائز جائزة بوليتزر، حيث توقعنا في «آسف لمشاكلك» أن نعثر على مجموعة من القصص القصيرة لنحظى بأقصوصتين طويلتين تخطفان كل الأضواء، وتمران بالقارئ في طريق من التحديات كالموت المفاجئ والطلاق والانتقال وإعادة بناء حياة.

إلا أنه بالنظر إلى تشكيلة الثيمات المعتمة قد نفاجأ بإحساس المتعة الذي يفيض به العمل، والنابع ربما من اجترار أفكار الشخصيات الغارقين أبداً في استكشاف ذواتهم الداخلية، حيث يقومون في الأثناء بالإضاءة على أجزاء منها لما فيه منفعتهم ومنعتنا. وإن كان عدد من شخصيات فورد قد بدا وكأنه يرتب حياته، فقد أغدق الكاتب على العملية وضوحاً لا نشتهي إلا وجوده في العالم الحقيقي. ليس هناك من تخبط في المشكلات التي تواجه أصحابها مع أنهم قد يشعرون بالكرب والخسارة، لكنهم إنما يفعلون ذلك بمنتهى الدقة و«الشياكة» بما يجعل القراءة عنهم ممتعة.

ويلفت ضمن المجموعة الغنية سلسلة الآراء المتعلقة بالزواج والأسى، ففي «الهروب» يحاول الأرمل بطل الرواية المضي قدماً مبتعداً عن ماضيه، فيستأجر منزلاً صيفياً لوحده في ماين على بعد شارع واحد من مكان انتحار زوجته. وتتراوح أحداث القصة بين الحاضر والصيف الفائت المأساوي، فيعيد بناء فحوى الزواج الطويل والنهاية الفجائية.

تتسم أقصوصة «لغة ثانية» مع أنها أكثر خفة بفيض من الاستفزاز، حيث البطلان جوناثان وشارلوت يمضيان في رحلة زواج بعد خطبة قصيرة ليبقى كل منهما مسكوناً بشريكه السابق بالرغم من الكيمياء الذي تربطه بالحالي. «بدا الطلاق وكأنه صيغة جديدة أفضل حالاً من الزواج الطويل، شيء لم يسبق له التفكير فيه لكنه قد يفعل» يكتب فورد.