نصادف في بعض الروايات، تطابق الواقع مع أحداث الرواية، كما حدث في رواية «ذبابة على أنف الرئيس»، التي تحكي تقريباً ما نعيشه الآن، في الفترة الأخيرة من انتشار وباء «كورونا»، وقد يكون حدس الكاتب أو معرفته وقراءته بما يدور في مجتمعه، تساعد على ترجمة أفكاره إلى حكاية تسرد لنا الواقع، حيث تبدأ أحداث الرواية، عندما تندلع شرارة الأحداث في ذات يوم اعتياديّ، حينما بدأ مرضٌ غريبٌ ينتشر في البلاد، ويحصد بوحشية أرواح الآلاف من الأطفال الصغار والنساء الضعيفات والرجال الشداد، لتكتظّ المستشفيات والأروقة، وتتعطل المصالح، ويدبّ الرّعب بين الناس، ومخاطر بتعليق الحج والعمرة، ليجد بدر، الدكتور الجامعي، نفسه أمام خطر يتهدّد حياة ابنته، بعد إصابته بهذا المرض على نحو مفاجئ، ليبدأ رحلته نحو المجهول الغامض.

جودة الحياة

«البيان» تواصلت مع الكاتب السعودي، مروان البخيت، للحديث عن روايته التي نفذت من عدة مكتبات لزيادة الطلب على قراءتها، وذلك لفضول القارئ لاكتشاف التطابق لحد ما بين الرواية والحقيقة، ويقول البخيت: تطرح الرواية عدّة قضايا تمسّ المجتمع، وتؤثر في مخرجاته ومستوى جودة حياته، حيث تناولت الرواية قضية الفساد وتأثيرها في المجتمع، بعد أن يُلقي بظلاله على أفراده، وتضاف إلى حساسية هذه القضية ارتباطها بأهم قطاع يخدم جميع فئات المجتمع بمختلف شرائحهم ومستوياتهم، وهي وزارة الصحّة، وما يعتمل في داخلها، والعمل الكبير جداً الملقى على كاهلها. كما تناولت الرواية قضية تعامل المجتمع مع المرأة العاملة في المجال الصحيّ وطبيعة التعامل معها، وانعكاس عملها وطبيعته على تعامل الناس معها.

التاريخ الأدبي

وهل تتابع التنبؤات الفلكية أم أنت قارئ جيد لأحوال المجتمع، لتكتب رواية عكست الواقع الحالي، قال: الأدب والفنون هي نتاج فكر الكاتب ورؤيته ومرئياته، نحو كلّ ما يُحيطه من عوامل ومؤثرات وقواسم مشتركة بينه وبين مجتمعه، أو بيئته، والرواية نوع من أنواع الأدب، ومن أكثرها أهمية وتأثيراً، هي مؤثر ومتأثر في كلّ شيء، قد تكون انعكاساً لما يحدث في المجتمع، أو قد يكون المجتمع هو انعكاس لرؤية العمل الأدبيّ.

وهذا بلا شكّ أحد أهم عوامل قوّة الأعمال الأدبيّة على مرّ التاريخ الأدبي، المحليّ والعالمي القديم والحديث، ويتابع: «وقد يكون الاتفاق على ماهيّة الإلهام أمراً يدعو إلى الجدل، أو المزيد من البحث والتدقيق، لكن، وبصورة عامّة، قد تتكوّن فكرة الكاتب عن عمله من كلّ ما يدور حوله أو يتوقّعه، بناء على قراءات وعوامل تساعد في تكوين هذه الفكرة». وتكون مهمّة الكاتب حينها، أن يخلق ويصنع من هذه الفكرة عالماً جديداً مستقلاً كاملاً، ويقع خط التماس بين هذه العوالم الأدبية المخلوقة من كتّابها، حين تتقاطع مع الواقع وتتشابك معه في موقف مثير.

أهداف الرواية

وعن نجاة شخوص الرواية من المرض، يقول: «تجري أحداث الرواية مع العديد من الشخصيّات الرئيسة والثانوية، وتلقي بظلالها على جميع تفاصيل حياتهم، وتنقل الكثير منهم من مستوى إلى مستوى، ومن حال إلى حال. هذا الانتقال لا يعني بالضرورة النجاة، ولكنه تغير تصاعدي في حياة الشخصية واستقرارها».

ويؤكد البخيت أن الرواية -كلونٍ أدبي- تكون انعكاساً ومرآة للقراء، فالشخصيات الموجودة في الأعمال الروائية، هي مستوحاة من الواقع، أو تتشابه في تفاصيل كثيرة مع شخصيات من الواقع، وهذا ما يعطي الرواية خصوصية وحميمية أكثر من غيرها من الفنون، أن تجعل القارئ يستشعر موقف الشخصية، ومدى التشابه بينه وبينها، الأمر الذي يصنع من القراءة تجربة فريدة، وتخلق خبرات متعددة، وخوض تجارب لم يكن ليجد الفرصة لتجربتها في الغالب. ومن هنا، تأتي أهداف الرواية ورؤيتها، في أن يرى القارئ قبح الفساد وآثاره، فالعمل لم يسلط الضوء على الفاسد وطريقة فساده واكتشافه، وإنما أن يرى بوضوح تامّ، قبح هذا الفساد في آثاره.

صورة مبدئية

وعن عنوان الرواية، يقول: «اختيار عنوان العمل يكاد يوازي، صعوبةً وتعقيداً، كتابة العمل بكامله عند كثير من الكتّاب والمؤلفين، وتكمن أهمية العنوان في كونه يمثّل صورة مبدئية عن العمل، وإطاراً بارزاً له. إنّ العنوان يكون في غالب الأحوال كالتاج الذي يزيّن العمل، بعد الجهد المبذول فيه، ويكون إيحاء لمحتوى العمل وأجوائه، وملخصاً موجزاً، يمثّل النصّ ويحيطه كلّه، ثم يكون عاملاً مهماً في جذب القارئ وتسويق العمل، فتمّ اختيار العنوان لاتصاله المباشر بالعمل ومحتواه، ثم لغرابته وإثارة التساؤل في نفس القارئ، الأمر الذي قد يكون مسهماً في قبول العمل عند كثير من القراء وإعجابهم به».