السعادة لا يمكن أن تستورد فهي تنبع أساساً من دواخلنا، الحصول عليها لا يكون إلا بالرضا، الذي يمكن أن يشكل حافزاً لإطلاق ما بداخلنا من طاقات، تمكننا من صنع السعادة التي يبحث عنها الجميع، بين ثنايا "الماديات"، وعبر "المقارنة مع الغير"، في حين أن "تعريف السعادة"، يكون مختلفاً من شخص لآخر. ذلك ما يمكن الخروج به من خلال قراءة كتاب "للسعادة وجوه أخرى" للكاتبة المصرية هدى السبكي، التي تستعد حالياً لإطلاق النسخة العربية منه، والتي تأتي بعد مرور أقل من عام على صدور نظيرتها الإنجليزية.

لم يكن البحث في موضوع "السعادة" أمراً هيناً على هدى، التي منحها البعض لقب "صانعة السعادة"، بعد أن فتنوا بالاستراتيجيات التي وضعتها في كتابها، حيث تعاملت مع السعادة، على أساس علمي، وفلسفي، لتقود، وفق ما قالته لـ"البيان"، "القارئ من حالة التعاسة إلى مرحلة أخرى، عبر الاستعانة بقدراته الذاتية، التي تمكنه من الوصول للسعادة الحقيقية أو المستدامة"، مشيرة إلى أن "السعادة تظل نسبية، ومصدرها الأساسي الرضا الداخلي.. وهي تشبه إلى حد كبير الحياة في عملية صعودها وهبوطها".

مظلة متكاملة

هدى لم تكتف في كتابها بتقديم تعريف خاص للسعادة، وإنما سعت للتعامل معها كمظلة متكاملة، مستشهدة بتجارب عديدة قامت بها الشركات الكبيرة، مثل غوغل وجنرال اليكتريك وغيرها. وقالت: "لقد أثبتت الدراسات بأن إنتاجية الموظف تزيد بنسبة 12 % عن المعدل العام"، مشيرة إلى أن دبي والإمارات باتت تقيم استراتيجيتها بالكامل على مؤشر السعادة. وتابعت: إدراكاً لأهمية السعادة وفاعليتها في تحسين جودة الحياة، أصبح في الإمارات وزارة للسعادة، وكذلك أصبحنا نرى وجوداً لأقسام تحمل اسم "إسعاد الموظفين" و"إسعاد المتعاملين"، وبلا شك أن ذلك من شأنه أن يثبت تأثير السعادة في حياة الإنسان.

أسباب كثيرة دفعت هدى للمضي في تأليف هذا الكتاب، وعلى رأسها "أن الجميع يبحث عن السعادة، رغم اختلافهم في أحلامهم وطموحاتهم وأهدافهم". وبحسب قولها، فهي تسعى من خلاله إلى "تغيير المفاهيم، والتأكيد على أن السعادة لا تكمن في المال فقط، وإنما في أشياء أخرى كثيرة"، مؤكدة أن "السعادة في الأساس تكمن في الإنسانية...". وقالت: "لا يمكن أن نتخلى عن الأهداف المادية، ولكن يمكن أن تأتي في المرتبة الثانية، لأن الماديات أحياناً تقودنا إلى مستوى أقل مما نطمح إليه، خاصة وأن العديد منا يعتمد المقارنة مع الآخرين، وبتقديري أن هذا فيه خطأ كبير".

في حديثها، أكدت هدى على ضرورة استبدال النقاط السلبية بالإيجابية. وقالت: "علينا الاقتناع بأن السعادة أسلوب حياة، قادرة على تحقيق النجاح"، مضيفة أن يكون هناك "علاقة مثمرة مع الله، قادرة على تحقيق الرضا الداخلي، والذي يمكننا من تحقيق السعادة في حياتنا".