قارئ هذا الكتاب سيطّلع على سيرة أدبية حقيقية للروائي الروسي الشهير فيودور دستويفسكي، ففي هذه السيرة الجديدة سيكتشف القارئ المصري والعربي كم المعلومات المغلوطة التي كونها في السابق عن عملاق الأدب الروسي، ومنها مثلاً أن إدمانه القمار كان ناجماً عن فساد أخلاقه، سيكتشف القارئ تحولات حياة دستويفسكي، وكيف كان نبيلاً شريفاً، محباً للخير، وللإنسانية، وللفقراء، منحازاً للفلاحين الروس، غير متعالٍ على أبناء وطنه من الطبقات الفقيرة، بل تسبب نبله هذا في أن يخضع للابتزاز المادي من أقرب أقاربه، ومنهم أبناء أشقائه، وربيبه من زوجته الأولى.
الكتاب الصادر عن الدار المصرية اللبنانية في القاهرة تحت عنوان «حياة دستويفسكي» بترجمة أنور إبراهيم، هو ترجمة عربية للكتاب الصادر بالفرنسية لابنة الكاتب الروسي الأشهر «لوبوف فيودوروفنا دستويفسكايا»، عام 1920، بعد رحلة طويلة قطعتها في صبر ودأب على وصف حياة والدها، وقد حقق هذا الكتاب آنذاك شهرة كبيرة.
يحوي الكتاب ثلاثين فصلاً، ومقدمتين، إحداهما للكاتب الروسي بوريس تيخوميروف، والثانية بواسطة لوبوف نفسها، وفي هذه المقدمة تستعرض فيها أسبابها لنشر سيرة أبيها الذاتية في أوروبا بدلاً من روسيا، إذ إن مناسبة مئوية ميلاده حانت مع اندلاع الثورة البلشفية في روسيا، وهو ما جعل البلاشفة يستولون على ممتلكات عائلتها، وعزت لوبوف رغبتها إلى إصدار سيرة أبيها في أوروبا، نظراً لأنه أصبح منذ زمن كاتباً ذا أهمية عالمية واحداً من المنارات المجيدة التي تنير الطريق للبشرية كلها.
فصول الكتاب الثلاثون تتطرق إلى مراحل حياة دستويفسكي وعائلته، إذ كرست الابنة نفسها لتقصي أصول العائلة، والكتابة عنها، بدءاً من الجد، ونشأة العائلة في ليتوانيا، وهو ما نتعرف عليه في أول الفصول، والكتاب مكتوب بأسلوب روائي ماهر، إذ إن صاحبته كان لها طموح أدبي وكانت مهتمة بصور العالم الخارجي، وخلعت على واحدة من بطلاتها اسمها الشخصي، لوبوف فيودورفنا، وأعطت أخرى اسم عائلة جدها لأمها، وثالثة أسكنتها إلى جوارها في أحد شوارع بطرسبورغ.
كما يغطي الكتاب مراحل مهمة في حياة دستويفسكي، ومنها زيجته الأولى التي لم تسفر عن أبناء، وتورطه في مؤامرة على القيصر، واعتقاله في سيبيريا.