تربط الكاتبة الإماراتية عائشة عبدالله علاقة حميمة بالكتابة، ابتدأت منذ مرحلة الدراسة الابتدائية بمدرسة «ميسلون» في الشارقة، ففي حصة التعبير، عندما كانت الكتابة هي العقاب الذي تتبعه المعلمة تجاه الطالبات، كن يعتمدن على عائشة، وتساعدهن على الكتابة التي تتقنها، فنشأت بينها وبين الكتابة رابطة كتلك التي تربط الأم بوليدها، حسب تعبيرها، لتشعر بأن شيئاً ينقصها في اليوم الذي لا تمارس فيه الكتابة. وعبر صحيفة «البيان»، خضنا في خضم الكتابة للطفل، وهي التخصص الذي تكتب فيه كاتبتنا، إلى جانب الكتابة للكبار، إضافة إلى الإشكالات التي تواجه الكاتب الإماراتي مثل ثقة دور النشر بإبداعه، وغيرها من المحاور.. بداية سألنا الكاتبة عن إصدارها الأول فقالت:
- أول إصداراتي للأطفال بعنوان «الزهرة الأنانية» (1999)، وكنت للتو قد أنهيت دراستي في المعهد وبدأت العمل، وهي قصة تعليمية مرتبطة بمادة العلوم، وأهدف عبرها إلى بث القيم والأخلاقيات في نفس الطفل، فالقصة تحكي عن زهرة نادرة تصرفت بأنانية مع كل ما يحيط بها من حيوانات ونباتات، وبعد فترة البيات الشتوي، اختفت من الوجود، فأضرت نفسها وأضاعت وجودها في الغابة.
لماذا اتجهت إلى الكتابة للطفل؟
اقترح أحد أقاربي أن أشارك بمجموعة قصصية للأطفال، في مسابقة تنظمها جمعية المعلمين، واستعنت بالقصص التي كنت قد كتبتها سابقاً، واشتركت بالمسابقة وفزت بالمركز الثالث، وفاجأتني الجمعية بأن طبعت لي الكتاب ليكون أول إصداراتي، وبسبب حبي للمسرح كنت أقدّم العديد من المسرحيات مع طالباتي احتفالاً بمختلف المناسبات، ومن هنا بدأت علاقتي بالطفل.
هل فعلاً تعتبر الكتابة للطفل هي الأصعب؟
بالطبع، فالكتابة للطفل تتطلب صدق المعلومة التي تقدمينها له في القصة والكتاب، فهي مرحلة تتشكل فيها شخصيته ويتلقى عقله الكثير من المعلومات التي يجب أن تكون صحيحة ودقيقة، فلو جعلت الجماد أو النبات والحيوان في القصة ينطق، يجب أن يكون صادقاً فيما أقوله على لسانه، وفي قصتي «بنت المطر» التي كتبتها مع هيئة الكتاب في مؤسسة محمد بن راشد أثناء رغبتهم في تقديم قصص للكتابة عن التراث، واخترت اسم الحشرة التي تظهر عند هطول المطر، أجريت عملية بحث استمرت 6 شهور لأقدم معلومة صحيحة ودقيقة للقارئ، وقد تُرجمت روايتي هذه للغة الهندية، وشهدت إقبالاً كبيراً في أحد المعارض التي أقيمت هناك.
هل بالإمكان أن تكون القصة مصدر معلومة؟
على القصة أن تقدّم معلومة إلى جانب المتعة التي تحققها للطفل، ويجب أن تُقدَّم المعلومة بطريقة غير مباشرة عن طريق لعبة مثلاً لإيصال رسالة وهدف أو قيمة.
كيف هو الاهتمام بالكتابة للطفل في الإمارات؟
هناك جانب قصور، إضافة إلى أن دور النشر لا تؤمن بالكاتب الإماراتي والعربي، وأغلب الكتب الموجهة للطفل مترجمة ولا تناسب بيئتنا العربية أو حتى ثقافتنا، وبالتالي لا تناسب أطفالنا.
برأيك لماذا لا توجد ثقة بالكاتب الإماراتي؟
هناك اعتقاد سائد بأنه غير مثقف وغير مطلع، وفي المقابل لو مُنح الفرصة لرأيتِ الكاتب الإماراتي أكثر إبداعاً، ويقدّم قصصاً ذات قيمة وهادفة أكثر من الكاتب الأجنبي، واطلعت على إحدى القصص تقدم رسائل سلبية للطفل وتدعو إلى الأنانية، لذا على دور النشر أن تحتفي بالكاتب الإماراتي وتدعمه وتسوّق له، إضافة إلى دعمه من خلال ترجمة أعماله للغات الأخرى، كما فعلت هيئة الشارقة للكتاب بترجمة «بنت المطر» للغة الهندية.
ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها إلى القارئ الطفل؟
أن أجعل الطفل يواكب التطور والعلم، ويعود لقراءة الكتاب الورقي، مع انشغاله بوسائل التكنولوجيا، وأن يستمد معلوماته ويستقصيها من الكتاب، ويتعلم البحث ليكون باحثاً من خلال الكتاب الذي يطوّر عملية البحث لديه وينميه.
كيف هو إقبال الطفل الإماراتي على القراءة؟
تراجع بنسبة 70%، وتحدي القراءة الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي، رعاه الله، أعاد إلى القراءة وهجها واهتمامها، إذ أنتظر انطلاق التحدي بفارغ الصبر، وأنا أرى حرص الأطفال عندما يأتون إليّ راغبين بالحصول على قصص ومناقشتها لأجل التحدي، وتلمست حرص الأمهات بعد هذه المبادرة على بث حب القراءة لأطفالهم، ومن خلال منبركم الإعلامي أتمنى أن تطلق مبادرة أخرى للقراءة في فصل الصيف وتكون بشكل مصغّر، وأن لا يقتصر التحدي على موسم الدراسة.
لنتحدث عن إصداراتك الأدبية..
لدي 10 عناوين للأطفال و6 قصص مخطوطة، أرسلت منها 4 إلى دار نشر في لبنان، و2 إلى وزارة الثقافة في أبوظبي، ولدي 4 عناوين للكبار ومخطوطة تصدر قريباً.
لنتحدث عن آخر إصداراتك؟
مجموعة قصصية موجهة للكبار بعنوان «بقعة رطبة»، تتناول الدول العربية التي عاشت «الربيع العربي»، حملت هم هذه الدول، وغيّرتُ عنوانها من «لستم على خارطتي» إلى «بقعة رطبة»، وهي الجملة التي ختمت بها القصة، وغيرت الاسم بناء على اقتراح أحد المقربين، ودور الكاتب عبر القصة الإصلاح وتوجيه النصيحة دون تهييج أو اتباع أسلوب الإثارة، فالسياسة لها رجالاتها.