تعددت المؤلفات التي تناولت مسيرتي المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما، إذ أثريت المكتبات بسيرتهما العطرتين وإنجازاتهما الخالدة التي يأتي في مقدمتها اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك رفقة إخوانهما حكام الإمارات.

ويرصد الكاتب الإماراتي نجيب الشامسي في كتابه «زايد وراشد.. التحدي والإنجاز»، في هذا الصدد، قيمة وتفرد مضامين رؤيتي هذين القائدين التاريخيين، الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد، إذ يتحدث المؤلف عنهما بصورة جامعة متكاملة تعكس سماتهما النوعية وتناغمهما فكراً ومنهجاً، موضحاً أنهما تركا بصماتهما وشماً على صدر التاريخ، تنمية وازدهاراً وتطوراً.

ويبين الكتاب أنه التقى القائدان الراحلان، رحمهما الله، في مجموعة سمات شخصية أسهمت نهاية في ترسيخ مشروعهما الوطني، ومن أبرزها الجدية والمثابرة والمتابعة الحثيثة لكل عمل يبدآنه، كما شكلت الكاريزما وقوة الشخصية معلمين بارزين في سيرة الراحلين الكبيرين. وقد تبلورت لديهما، وفي خضم التحديات والمعضلات الصعبة الناتجة عن التركة الثقيلة والفراغ الذي خلفه جلاء المستعمر البريطاني، فكرة الاتحاد فسعيا بدأب لتحقيقها إيماناً بوحدة الإنسان على هذه الأرض ومستقبلها المتمثل في الاتحاد: الحصن المنيع الشامخ الذي ينعم فيه أبناؤه بثرواته ويتفانون في الإبداع والابتكار في سبيل رفعته.

4

ويضم الكتاب 4 أبواب غنية بمحتوياتها، تتمثل في : «زايد وراشد.. الصفات الشخصية والسمات القيادية»، «الرؤى التنموية والإنجازات الاقتصادية على صعيد الإمارة»، «زايد وراشد.. رؤيتهما التنموية وإنجازاتهما الاقتصادية على صعيد الدولة»، «التطورات الاقتصادية في ظل رؤية زايد وراشد التنموية». وانتثرت محاور الكتاب ونقاشاته على 360 صفحة بقطع كبير، لتناقش التنمية والعمل الاقتصادي لدى المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد، اللذين تميزا باستشرافهما المستقبلي الواضح لتحقيق الأنسب والأجدى لوطنهما وفي سبيل نهضته.

ويؤكد الشامسي في كتابه، أن منهج العمل الاقتصادي والتنموي لدى القائدين الراحلين، يدل على حصافتهما ورؤيتهما وقراءتهما الدقيقة للمعطيات، التي شهدتها إمارتا أبوظبي ودبي، وقد واكب تلك الرؤية استيعاب وفهم لطبيعة المتغيرات التي ترافقت مع مراحل تكوين دولة الاتحاد، وقراءة دقيقة للوضع الإقليمي والدولي، وإيجاد سبل التعاطي معه واستثماره في مصلحة دولتهما الناشئة وما يدفع في اتجاه رقيها.

حصاد

ثم يصل الكاتب إلى حصاد رؤية القائدين المؤسسين، ذاكراً منجزاتهما على المستوى المحلي والتي كان قيام الاتحاد أبرزها، مع مواصلة التنمية واطرادها، ومبيناً انهما صنعا خلال فترة وجيزة تاريخاً يروى للأجيال القادمة. ولم يغفل الشامسي الحديث عن الإنسان الذي استهدفاه في مشروعهما النهضوي، حيث اهتما بالتعليم بمستوياته المختلفة، وحرصا على جلب المدرسين المتخصصين في شتى العلوم، وأوصلا شعاع العلم إلى كل أجزاء الإمارات، إيماناً منهما بأن الإنسان هو الاستثمار الأبقى والأطول في بناء الدول والحضارات، كونه حامل المسؤوليات الجسام في النهوض بوطنه.

ثم يعدد الشامسي أبرز إنجازات المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد، والتي لا تزال الأجيال بعدهما تستنير وتستفيد منها، ومن ضمنها: المنجز الاقتصادي الضخم وما ميزه من تنويع في مصادر الاقتصاد الوطني.

وينهي الشامسي كتابه بفصل عن رحيلهما، طيب الله ثراهما، مع كلمات وشهادات للتاريخ تبرز حجم الخسارة بفقدهما، وتتذكرهما كمؤسسين التقيا على حب الإمارات والتي بادلتهما ذلك الحب تخليداً وتقديراً وتوثيقاً لمنجزاتهما المتفردة.