الإمارات تضم أصواتاً واعدة تتابع طريق الرواد

ناصر الزعابي: رونق الشعر جوهر ثابت مهما تنوع

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ناصر يوسف البكر الزعابي من الأصوات الشعرية الإماراتية الشابة اللامعة، تأتي تجربته الإبداعية عموماً ضمن عدد من التجارب الشعرية والكتابية المتميزة التي قدمها المشهد الثقافي الأدبي المحلي في النصف الأول والثاني من الألفية الثالثة، بدءاً بديوان «لا بوح بعد هذا» عام 2015، وانتهاء بديوان «خطوة في الفراغ» العام الجاري، الذي يعتبره نقطة الانطلاقة الحقيقية مع قصيدة النثر.

حول ديوانه الأخير وكتاباته المتنوعة ما بين الشعر والنثر التقته «البيان» في الحوار التالي، الذي يؤكد فيه أن الشعر واحد مهما اختلفت ألوانه، ولكل منها رونقه.

بحر معلِّم

«معي نفسي.. وشاطئ يصطدم بجدار.. أسمع هدير الموج ولا أراه.. أين الحنين.. والرمل والصدف». من ديوان «خطوة في الفراغ» نجتزئ هذه القصيدة التي تحمل عنوان «معي نفسي»، هذا الحنين والانكفاء على الذات يمثلانك كشاعر منتمٍ بالفعل إلى عصرك، ماذا تقول؟

لعل هذا النص يعبّر عن فترة زمنية حافلة بالذكريات، أيام الصبا حين كان البحر المؤنس المفضل لنا، فهو الذي يكسر عزلتنا ووحدتنا، وإليه نشكو مشاعرنا المفعمة بالأمل والطموح ونصغي إليه في لحظات الحزن والانكسار، ويشاركنا جميع أوقاتنا.. فالبحر مكوّن أساسي من مكونات الإبداع قديماً وحديثاً، فهو المعلّم الحكيم الذي يزوّدنا بالكثير من التفاصيل عبر التأمل والإصغاء، يراودني الحنين إلى تلك الأماكن التي ابتعدنا عنها بانتقالنا نحو مدن أخرى لكننا نستذكره في عزلتنا وكتاباتنا حتى اليوم.

انتعاش

إلى أين تمضي الحداثة الشعرية في نظرك؟

هناك تطوّر واضح نلمسه في الآونة الأخيرة بعد فترة شابها، الفتور نجده بعد الطفرة الكبيرة التي لاحظناها مع جيل الثمانينيات والتسعينيات، ربما خفت البريق قليلاً، لكنني ألاحظ انتعاشة واضحة في الكتابات الجديدة، خاصة جيل ما بعد الحداثة، وأتوقّع أن مسيرة العطاء مستمرة، وأن القادم أفضل بمشيئة الله، فهناك أسماء صاعدة وواعدة تتابع طريق الروّاد في تناغم مدهش يستحق الإعجاب.

اختلاف

أصدرتَ 5 أعمال، فبدأت بـ«لا بوح بعد هذا» وآخرها ديوان «خطوة في الفراغ» وهي كلها تحمل بصمتك، سواء أكانت شعراً أم نثراً، لكن برأيك ما الاختلاف بينها؟

أصدرتُ 4 دواوين نثر بشكل متتالٍ بدءاً من 2015 حتى 2018 تلتها تجارب مختلفة بين الحكايات الاجتماعية والمقالات والمقاربات والدراسات، وأظن أن القارئ سيلاحظ اختلافاً في مضامين المجموعات الأربع؛ ففي ديوان «لا بوح بعد هذا» كانت السمة السائدة اعتماده على الومضة والقوالب القصيرة المكثفة، وجاء بعده ديوان «حجر النافذة» الذي يروي سيرة حياة والدي يوسف عبيد البكر، رحمه الله، وهي تجربة أعتز بها كثيراً.

ثم ديوان «شيء ما يتسلّل» الذي تنوّع في المواضيع ولامس تفاصيل حياتية يومية رصدتها طيلة عامٍ كامل من تجوال وترحال، ليأتي ديوان «خطوة في الفراغ» الذي أعتبره نقطة الانطلاقة الحقيقية مع قصيدة النثر، وأتمنى أن أواصل تقديم نماذج حية ومعبّرة بعيدة عن التكرار والأفكار التي تراوح مكانها.

لديك رؤية ذات بُعد ثقافي فيما يتعلق بشعر الفصحى والعامية، كيف تقدمها للقارئ؟

الشعر واحد مهما اختلفت المسميات، ولكل لون رونق، والشعر العامي بذاته ينقسم إلى عدة ألوان: شعبية غزلية وفلسفية واجتماعية وحكمة وغيرها من أنواع الشعر، سواء كان العمودي منه أو التفعيلة وحتى النثر.

هنا نستطيع أن نصل إلى قلوب المحيطين بنا بسرعة فائقة لعوامل كثيرة، منها الموروث الشعبي العريق، وتمسّكنا بأصالة التراث وسهولة وصول المفردة، لكنني من وجهة نظر شخصية أرى أن الفصحى هي اللغة الأم، وهي التي تصل إلى الجميع بشكل واضح ولها أثر كبير، لكنني بطبيعتي لا أميّز بين الألوان الشعرية والأجناس الأدبية الأخرى، فالمهم هو المضمون والقيمة الأدبية للعمل في نهاية المطاف، لذلك فهناك حالة تناوب رقيقة بين لون وآخر يتقبّله القارئ بصدر رحب.

علاقة

على الرغم من علاقتك إبداعياً، هذا عدا علاقة الصداقة التي تربطك، بالشاعرين أحمد العسم وعبدالله السبب، إلا أننا نلمح في إبداعك شيئاً كتأثرك بتجربة أحمد راشد ثاني المتنوعة، هل هذا صحيح؟

لعل علاقتي العميقة بالأديب أحمد عيسى العسم بين أخوة وزمالة وصداقة أشبه بالمصاهرة الثقافية، وقد عاصرت معه العمل الثقافي الإداري مدة ثلاث سنوات، وكنت محظوظاً بمزاملة الأديب الدكتور هيثم يحيى الخواجة، كذلك في اتحاد كُتاب وأدباء الإمارات فرع رأس الخيمة، وبالتالي مزاملة الأديب عبدالله محمد السبب، كذلك في الفترة ذاتها، وقد استفدت الكثير من مزاملتهم وليسوا وحدهم، فأنا مدين لكل زملائي أصدقاء الحرف زملاء القلم رفاق الكفاح الثقافي.

أما بالنسبة لتجربة أحمد راشد ثاني، رحمه الله، فقد كان واحداً من أهم روافد الإبداع الإماراتي، وقد استفدت كثيراً من قراءة أعماله الشائقة والمتفرّدة في الفكر والموضوع، ربما يكون هناك تأثر بتجربة أديب قدير لكنني أعتقد أن الكاتب والشاعر بحاجة ماسّة إلى رسم أسلوب خاص ومتفرّد كي لا يتهم بالتقليد والاقتباس واجترار الماضي دون طائل.

إضاءة

الشاعر والكاتب ناصر البكر الزعابي من الجيل الجديد من المبدعين الإماراتيين الذين يأتون في المقدمة بالنسبة لمنتجهم الإبداعي الشعري والنثري. صدر له «لا بوح بعد هذا»، «حجر النافذة» 2016، «شيء ما يتسلل» 2017، «خطوة في الفراغ»، وينتظر صدور ديوانه العامي الأول «أحضان الورد». كما له عدد من الأعمال الشعرية المغناة.

 

Email