تشتهر الروائية الكندية كي جي هاو، باحتلالها عالمياً مكانة مرموقة كروائية متخصصة في كتابة رواية «الجريمة»، ومن خلال أنشطتها المختلفة، تسعى نحو الترويج لهذا النوع الأدبي، الذي تطمح لتطويره وجعله أكثر جاذبية بالنسبة للقارئ.

كما أنها من خلال كتابتها لهذه الأعمال الروائية، تعمل على صناعة عالم موازٍ لما يحدث اليوم على أرض الواقع، تحت عنوان «الاختطاف» بكافة أشكاله، وهو أحد مشكلات المجتمعات الإنسانية المعاصرة، التي تلحظ تصاعد وتيرتها على مدى الـ6 أعوام الحالية. حول هذا العالم الذي تُعيد رسم ملامحه، استناداً إلى وقائع حقيقية من كل زمان ومكان، تحدثت إلى «البيان».

مُوضحةً مدى اهتمامها بعناصر الرواية، من الشخصيات التي تلعب دوراً مهماً في التشويق والمغامرة، وتمتاز بنوع من الذكاء والقدرة على تقديم نفسها في قالب متجدد في كل عمل روائي، إضافة إلى مشاعرها الإنسانية، مشيرة إلى أن موضوعات روايتها تتجاوز حدود بلادها «كندا»، لتلقي الضوء على ما يحدث في أماكن متفرقة من العالم، منها الشرق الأوسط.

فرصة

وفي سياق حديثها عن فكرة الموضوع الذي اختارت أن تخوض فيه من خلال كتاباتها، بيّنت أن الفكرة لم تأتِ من باب المصادفة، فمن خلال تنقلها وهي صغيرة مع والدها، بحكم عمله الوظيفي الذي يتطلب السفر، أتيحت لها فرصة رائعة كي تتعلم وتحتك بثقافات متعددة.

كما أنها كانت تسمع كثيراً عن المشكلات والأخطار التي يمر بها الناس أحياناً في بعض الأنحاء، ما جعلها تتعاطف مع أولئك البشر الذين يتعرضون للاختطاف، وحينها كانت تقول لنفسها: إنه موضوع مهم، يستحق أن تبحث فيه لكي تساعد الآخرين، من خلال إبرازها في كتاباتها لهم، كيف يجنبون أنفسهم الوقوع في مثل هذه المشكلات، وكيف يحمون أفراد عائلاتهم.

بداية مُبكّرة

وتوضح كي جي هاو، أن الفكرة قد نبتت في رأسها في سن مبكرة، وفي تلك الأثناء، كانت تقرأ بنهم، ولكن ما إن أنهت دراستها الجامعية، حتى بدأت في الكتابة. تقول عن هذه البداية: «لكم أن تتخيلوا أنني كنت أكتب في موضوعات طبية في البداية، فقد درست العلوم.

وكنت أطمح إلى مساعدة المرضى في التغلب على أزماتهم الصحية الصعبة، التي كنت أحولها إلى مشكلات سهلة الحل، لقد كنت أتعاطف مع الآخرين، ومنهم هؤلاء الذين يتعرضون لمشكلات نفسية وصحية، كما يحدث في حالة الاختطاف، حين يكون الشخص المختطف مريضاً، ويحتاج إلى الدواء أثناء اختطافه، وهو ما لا يتوافر له، هذه كانت بداياتي».

تنوّع

وبسؤالها عن مدى اختلاف روايات الغموض والإثارة وغيرها، حول جريمة الاختطاف التي تتحدث عنها، أوضحت أن الخطف يتعدد إلى أشكال مختلفة، وليس هو مقتصر على ما يتبادر إلى الذهن من جرائم الخطف المعتادة، إذ هناك جريمة الخطف الاجتماعي.

كما يحدث عندما يقوم أحد الوالدين في أعقاب الطلاق بخطف أطفاله، وهناك جريمة الاختطاف ذات الدوافع السياسية، وهناك جرائم الاختطاف التي ترمي إلى الحصول على الفدية والمال، وهنالك أخرى تهدف إلى استبدال شخص بآخر.

واقعية

وعن حاجة هذا النوع من الكتابة الروائية إلى شخص لديه مهارات معينة لكي يكتبها، تقول الكاتبة كي جي هاو: «أتصور أنه من أجل كتابة هذا الجنس الروائي، ينبغي أن يكون الإنسان باحثاً دقيقاً، وحريصاً في الوقت ذاته، لكي يكون صادقاً في نقل المعلومة الحقيقية.

وبالنسبة لي، فأنا حريصة حتى على أخذ المعلومة من مصادرها الأصلية، فأنا أتحدث إليهم، وشخوصي التي أضعها في قالب درامي شديدة الواقعية. وتُبيّن أنها تفكر دائماً في ما يمكن أن تكون عليه القصة القادمة، وما المكان الذي ستكتب عنه، وما الموضوع المُلِح الذي يحتاج إلى نقاش أكبر، إلى جانب شخصية المختطف، كيف أتصورها ثم أرسمها. فهي تتصور كل تلك المعطيات قبل الشروع في الكتابة.

منظور عالميمن جهة أخرى، تُبيّن الكاتبة الكندية كي جي هاو، أنها شديدة الحرص على الكتابة من منظور العالمية، فعلى الرغم من جنسيتها وولادتها في كندا، إلا أنها تشعر أنها ابنة هذا العالم كله، خاصة أنها قد تعودت على السفر والتنقل بين الثقافات منذ الصغر، فهي عاشقة للاطلاع على الثقافات كلها، ومولعة بالتحاور مع جميع الناس.

وعن شخوص أبطالها، فتوضح أن أكثرهم من النساء، فهي تشعر أنهن يتميزن بالذكاء والقوة للقيام بمهامهن، ومنهن من يتربين على ذلك في الأساس، ومن وجهة نظرها، متى ما كانت المرأة واعية ومثقفة، كانت قادرة على القيام بعملها على أحسن وجه.

أما بخصوص أعمالها القادمة، فتذكر أن هناك عملين تعتز بهما، هما «وسيط الحرية» و«سكاي جاك»، وهي من الروايات التي لقيت رواجاً عالمياً، ومما تفخر به ترشيح رواية «وسيط الحرية» لجائزة «ثريلر أند باري».