تخلل فترة التظاهرات التي أعقبت مقتل الشاب الأسود مايكل براون على يد عناصر الشرطة في مدينة فيغوسون بولاية ميزور الأميركية، 400 يوم أمضاها ديراي ماكيسون يجوب الشوارع لأن الشرطة قد حظرت الوقوف بثبات على الناس. في كتابه بعنوان «الوجه الآخر للحرية:
قضية أمل»، يصف المنظم والشريك المؤسس لـ«حياة السود مهمة» تلك الأيام بتفاصيلها الدقيقة، بدءاً بشروع رجال الشرطة بإطلاق القنابل المسيلة للدموع على جماهير المحتجين في اليوم الأول من الاحتجاجات، وكيف جثم تحت عجلة القيادة بينما أخذ عناصر فرقة التدخل السريع يمشطون شوارع المدينة بحثاً عن محتجين بعد حظر التجول الليلي المفروض.
ويصف ماكيسون كذلك تغريداته الغاضبة، فيما رفاقه المحتجون حاولوا تنظيم اعتصام في مقر شرطة «فيرغوسون»، الخطوة التي سرعان ما تحولت إلى أعمال عنف، وقد هاجمت الشرطة الجموع، وتمسك أحدهم بماكيسون وأخذ يجرّه من كاحليه.
أخطاء
وقد سلّطت احتجاجات «فيرغوسون» الضوء على أحد عناصر ممارسة حفظ الأمن والنظام التي غالباً ما تحجبها الروايات الأخرى الكبيرة، «فالطريقة التي تتم فيها عملية الرقابة الشرطية متأصلة جداً».
وتمارس الشرطة ما يصفه ماكيسون بالسلطة السلبية، لاسيما في مجتمعات السود، ويكتب ديراي في هذا الإطار قائلاً: إنهم يُؤخذون بحجج ومبررات مختلفة، فيعتقلون ويحتجزون ويوقفون ويسجنون ويقتلون للحفاظ على النظام والقانون في المجتمع، ولإدارة النزاعات. ولا تمثل الشرطة بالنسبة إلى الناس الذين يعيشون في أماكن مثل فيرغوسون، مصدر طمأنينة وأمل، يقول ماكيسون، بل هي سبب للدمار.
ويشكل جزء من عمل حركة «حياة السود مهمة» التي يصفها المؤلف في كتابه «الوجه الآخر للحرية» تطوير البيانات التي تدعم تلك المشاعر، ففي حين يدرك معظم الناس الذين يعيشون في مجتمع ذوي البشرة السوداء، فطرياً، مشكلات إفراط الشرطة في حفظ الأمن والنظام، وكيف أنها تؤثر بشكل غير متكافئ عليهم.
وعلى جيرانهم، لا توجد إلا معطيات قليلة تتعلق بالمدى الذي وصلت إليه عملية حفظ الأمن بأسلوب قد يؤدي إلى عواقب سلبية. وبما أن الحكومة الفيدرالية تعتمد على التقارير الذاتية للمناطق من أجل تعقب العنف الممارس من قبل الشرطة، وبما أن قلة من دوائر الشرطة تنقل المعلومات بالكامل، فغالباً ما تأتي السجلات مغلوطة.
مشروع
وحلاً للمشكلة، أطلق ماكيسون ورفاقه في حركة «حياة السود مهمة» مشروع «رسم خارطة عنف الشرطة» المرتكز على وسائل التواصل الاجتماعي والتقارير الإخبارية المحلية، وجمع المعلومات من الناس وطلبات الحصول على المعلومات العامة، لتوثيق حوادث شهدت على حوادث مؤلمة بسبب مخالفات فردية وقعت من بعض أفراد الشرطة.
ولا شك أن جمع كل تلك المعلومات كان سبباً لليأس، إلا أن كتاب ماكيسون يتعلق بالأمل، وبكيفية توجيه المعرفة المرتبطة بهذه المسألة المنتشرة بغية إيجاد حلّ، كما يأمل، على حدّ قوله بأن «يدفع الكتاب الناس نحو تصور أمرٍ أبعد من النظام السائد».
يحفل كتاب «الوجه الآخر للحرية: قضية أمل»، بصدقيته وشجاعته وحبكته التصورية بروح الأمل، مستقياً من تجربته الخاصة بوصفه ناشطاً ومنظماً ومعلماً ومسؤولاً رسمياً، فهو يحض الأميركيين كافةً للعمل على تفكيك موروث العنصرية ولتخيل أفضل ما يمكن.
الكتاب:الوجه الآخر للحرية: قضية أملالمؤلف:ديراي ماكيسون الناشر:«بينغوين راندوم هاوس»، 2018الصفحات:212 صفحةالقطع:الكبير