هند بنت فيصل القاسمي: المرأة العربية مسكونة بثقافة النجاح وإرادة التحدي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تدخر هند بنت فيصل القاسمي جهداً أو توفر أياً من إمكاناتها في سبيل تحقيق طموحاتها. إذ طالما آمنت أن طلب العلم وحب الثقافة والتمسك بالعمل والنزول إلى الميدان لمواجهة التحديات، سبيل النجاح الحقيقي في الحياة.. وكان نموذج وبرهان قدرتها على بلوغ ما تروم..

، كما توضح في حوارها مع «بيان الكتب»، قدرتها، طبقا لما خططت له، على أن تعكس في كتابها نجاح وتميز النساء العربيات في الحياة، لافتة إلى ما حصده «ذا بلاك بوك أوف أرابيا» الصادر باللغة الإنجليزية عن دار بلومزبري– مؤسسة قطر للنشر عام 2015، من رواج، لا سيما وأنه يتناول تجارب نجاح نساء خليجيات وعربيات استحوذت طبيعة ظروفـــــهن وما يواجهن من مسائل اجتماعية..

يرصدها الكتاب، على اهتمام القراء حول العالم، وهو ما دفعـــها إلى اتخاذ قرار تحويل قصص الكتاب إلى عمل درامي سيرى النور في شهر رمضان من العام المقبل 2017، كذلك العمل على ترجـــمة الكتاب إلى لغات أخرى، ومن بينها: العربية والفرنسية والروسية الصينية والهندية.

سر الاسم

من يقرأ كتابك يظن أنك خريجة أدب إنجليزي وليس هندسة معمارية.. فمن أين اكتسبت الموهبة الأدبية؟

والدتي الشيخة مهرة بنت ماجد القاسمي، أول مديرة مدرسة في الدولة، كانت شغوفة بالقراءة، أما والدي الشيخ فيصل القاسمي، فجمع بين الجانبين الأدبي والعلمي، حيث كان شاعراً وأديباً. ولكنه درس الطب في جامعة عين شمس في مصر، وأنا ورثت منهما حب الشعر والقراءة والاطلاع.

لماذا اخترت «ذا بلاك بوك» اسماً لكتابك؟

مفهوم ومعنى «ذا بلاك بوك» عند العرب هو الكتاب الأسود الذي يكشف الفضائح، أما في الغرب فيعبر بمعناه عن الأسرار والقصص الحقيقية التي تدور خلف الكواليس ولا تُذاع، ووضعتُ القصص بالإطار الذي يجذب القراء في الغرب.

لماذا أنت مهتمة بإرضاء القارئ الغربي؟

لدى تواصلي مع دار بلومزبري– مؤسسة قطر للنشر، أخبروني أن الكتب المفضلة لدى غالبية القراء العرب هي كتب الطهي وتفسير الأحلام والأبراج، في حين أن القارئ في الغرب متعطش للمعرفة وليس التسلية.

وفاء وتفانٍ

كيف استقبلت دار بلومزبري «ذا بلاك بوك أوف أرابيا»، وهي التي تحجز مكانة مهمة في مجال النشر؟

أثارتهم جرأة الكتاب وواقعية الأحداث، وظنوا أنني امرأة عربية تعيش في الخارج. وقادهم الفضول لسؤالي عما إذا كنت قد درست في الخارج، ولكنني أجبتهم أنني درست في مدرسة المعرفة في الشارقة، أما التعليم الجامعي فتلقيته في الجامعة الأميركية في الشارقة، حيث تخصصت في الهندسة المعمارية، ثم حصلت لاحقاً على شهادة الماجستير في إدارة المشاريع، إضافة إلى «كورسات» تدريبية مكثفة في مصر.

ما أبرز القصص التي يتناولها الكتاب؟

يتضمن الكتاب 12 قصة حقيقية لنساء من دول الخليج العربي ودول عربية شقيقة، ومن بينها قصة شابة يمنية باعت كليتها وقدمت المال لخطيبها ليتزوجا، وزوجة لقنت زوجها درساً قاسياً لأنه تزوج عليها بالسر، وأخرى ادعت إصابة خادمتها بالإيدز كي تجعلها تغادر الدولة التي تقيم فيها، ذلك لهدف الانتقام منها..

وهناك أيضاً قصة زوجة أرادت اختبار وفاء زوجها لها ولكنها لم تكن تتوقع أن ذلك سيبعده عنها إلى الأبد، وغيرها من القصص.

ألا تلاحظين أن قصص كتابك مغلفة بالشر والانتقام؟

القصص جريئة وهي من قلب الواقع وليس الخيال، وكما توجد نهايات إيجابية مفرحة، توجد أيضاً نهايات أخرى حزينة ومؤلمة، وجميعها تحمل دورساً حياتية قيمة، وبالنسبة لي فأنا لم أنحز للمرأة على حساب الرجل، بل كنت حريصة على توضيح الأسباب التي دفعت النساء لتبني أفعال معينة، كما بررت للرجال كثيرا من المواقف.

درس

ماذا عن حضور النساء الإماراتيات في كتابك؟

بالطبع. الكتاب يتضمن قصصاً لإماراتيات. هناك سيدة إماراتية وهي أم لسبعة أطفال، ثابرت واجتهدت وكافحت لإنقاذ زوجها الذي دخل السجن بسبب الخسائر التي تكبدها خلال الأزمة المالية العالمية، حيث عملت هذه السيدة الرائعة في مجال بيع العطور وطورت نفسها بشكل سريع، وسددت قرض زوجها البالغ 20 مليون درهم.

كيف جمعتِ محتويات كتابك ؟

اعتدت على نشر قصص ومقالات إنسانية حقيقية في مجلتي «فيلفت» وعدد من الصحف القطرية، وهذا شجع كثيراً من النساء على التواصل معي وإرسال قصصهن لنشرها، أملاً في أن تكون معاناتهن دروساً لنساء أخريات يستفدن منها.

رسالة

هل كان القصد من تضمين غلاف الكتاب سؤال «من قال إن النساء العربيات ضعيفات؟» إثارة فضول القارئ الغربي؟

بالتأكيد. هناك من ينظر للمرأة العربية على أنها ضعيفة ومكسورة ومسلوبة الحرية والطموح، ولكن في ظل الانفتاح، فإن كثيرين يعتقدون أنها امرأة بلا هموم أو مشكلات وتهتم فقط بمظهرها والماركات التي ترتديها، وأنا أردت إيصال رسالة مفادها أن المرأة الشرقية تواجه تحديات حياتية حالها حال المرأة في الغرب..

وتعالجها بطريقتها الخاصة، وبفضل الله، نجحت في تحقيق هدفي، وحقق الكتاب بنسختيه المطبوعة والإلكترونية مبيعات فاقت التوقعات، وأنا في صدد إطلاق الطبعة الثانية من الكتاب، مع إضافة قصص أكثر إثارة.

تحضيرات

حظي الكتاب برواج كبير في روسيا، ما السبب برأيك؟

بعد مسلسل «حريم السلطان»، أصبح الروسي أكثر تعطشاً للتعرف على نمط عيش العرب وطريقة تفكيرهم وعلاقاتهم الاجتماعية، وساهم الكتاب في إشباع فضولهم حول طباع المرأة والرجل العربي.

هل هناك نية لتحويل قصص الكتاب إلى عمل درامي أو فيلم سينمائي؟

بالطبع، العمل جار على تحضير عمل درامي مأخوذ من موضوعه، سيرى النور في رمضان 2017، بمشاركة كوكبة من الفنانين.

مبادرات متميزة

ما رأيك بالسياسات والمبادرات الوطنية الداعمة للقراءة؟

إنها موفقة وفي الطريق الصحيح. وهذا ما عودنا عليه قادتنا الذين يؤمنون بأن تحفيز المجتمع على القراءة يضمن تقدماً مستمراً للدولة، ويحصنها ويحمي أجيالها بلا شك. ولكن أظن أننا بحاجة إلى دعم طباعة ونشر الكتب العربية، وتحفيز الكتاب والمؤلفين على الكتابة بروح العصر ولغته.

هل سبق أن عملت في مجال الهندسة المعمارية؟

صممت منزلي، وقريباً سأفتتح «فيلفت مول» وهو مركز تجاري في دبي من تصميمي أيضاً، يعد منصة لأصحاب الأعمال المبدعين. كما يتضمن مطاعم وصالونات تجميل فاخرة، بالإضافة إلى معاهد لتعليم البعض الحرف اليدوية.

«ذا بلاك أوف»..12 قصة واقعية عن الأمل والتضحية والإصرار

بين دفتي كتاب «ذا بلاك بوك أوف أرابيا» الصادر عن دار بلومزبري– مؤسسة قطر للنشر، يبحر القارئ بين أمواج المشاعر، ويطلع على أسرار وتفاصيل عائلية ومجتمعية عامة متنوعة، دون أن يكون جزءاً منها أو يطرق أبوابها، فيسمع أنين امرأة باعت كليتها لتقدم المال لخطيبها ليتزوجا.

ويصفق بحرارة لامرأة أخرى لم تنسحب من مملكتها لمجرد أن زوجها أخطأ، ويرفع القبعة لأم عملت ليل نهار لإنقاذ زوجها من السجن، كما يأسف على رجل لعبت به رياح الإغراء. وكذا يتعمق القارئ في كثير من القصص الإنسانية الحقيقية المؤثرة.

اختبار

من بين القصص البارزة التي يقدمها كتاب «ذا بلاك بوك أوف أرابيا» لمؤلفته الشيخة هند بنت فيصل القاسمي، قصة زوجة انخفض مستوى اهتمامها بنفسها وزوجها تدريجياً بسبب الإنجاب ومشاغل الحياة، وبدلاً من أن تجتهد لإعادة الأجواء الحميمية إلى منزلها، اختبرت وفاء زوجها بطريقة سببت نتائج كارثية. إذ ظنت الزوجة أن فتور المشاعر بينها وبين زوجها قد يدفعه لخيانتها أو النظر إلى غيرها، وخطر في بالها أن تختبر إخلاصه، عبر رسائل نصية توجهها إليه مستخدمة اسماً غير اسمها.

سهر

وإثر هذا الموقف، كان الزوج في البداية يحاول التقرب من زوجته، ولكنها كانت تتهرب..وذلك إلى أن بدأ ينأى بنفسه عنها، ويفضل السهر في صالة البيت.

وشعرت الزوجة بالندم وبأن عليها إنهاء اختبارها حتى لا تخسر زوجها. وما إن استلم الزوج رسالة من المرأة التي بدأ يحبها حتى غضب وكانت النتيجة بأن كتب رسالة لزوجته وأم أبنائه، يخبرها فيها بنيته في الانفصال عنها. وبعد هذه الرسالة هرعت الزوجة إلى الاتصال بزوجها لتوضيح ما حدث، واعترفت له بفعلتها وأن المرأة التي كانت تدغدغ مشاعره عبر البريد الإلكتروني و«الواتس آب» هي أم أبنائه بشحمها ولحمها، ولكن الزوج لم يتحمل الصدمة وصمم على الانفصال والهجرة إلى الخارج.

نموذج عطاء وتضحية

كما يروي كتاب «ذا بلاك بوك أوف أرابيا» أيضاً، قصة رائعة بطلتها سيدة إماراتية شكلت نموذجاً فريداً في العطاء والتضحية والوفاء، حيث لم تترك زوجها وحيداً وسط الديون التي تراكمت عليه بسبب الخسائر التي لحقت به خلال الأزمة المالية العالمية،..

وأصرت على تحدي الظروف واجتياز المحنة التي أثرت على استقرار أسرتها النفسي، حيث اختبرت نفسها في صناعة العطور، وبدأت تبيع منتجاتها في المعارض، ثم توسعت وبدأت تشارك في أهم فعاليات الموضة، ما جعل لعلامتها التجارية صدى واسعاً على الصعيدين المحلي والخليجي.

دروس

ويبين الكتاب أنه عملت هذه السيدة الإماراتية بصمت، ولم تطلب مساعدة من أحد، وأخذت على عاتقها، إلى جانب العمل، تربية أطفالها وتلبية متطلباتهم، وكانت حريصة على توفير أرباحها أملاً في إنقاذ زوجها من السجن وإعادة الحياة إلى بيتها. وفي وقت قياسي، افتتحت متجرها الخاص وبدأت تستقبل الزبائن من كل حدب وصوب وترتقي بخدماتها وخلطاتها العطرية المميزة، ومن ثم تمكنت من تسديد مبلغ 20 مليون درهم عن زوجها واستطاعت منحه فرصة جديدة للانطلاق في عالم المال والأعمال.

وتشدد مؤلفة الكتاب على أن ما قامت به هذه السيدة يعد درساً من أبرز دروس الإخلاص في الحياة الزوجية، حيث ثابرت واجتهدت واعتمدت على عقلها وإبداعها للتخلص من الأزمة التي هددت سعادة أسرتها وكادت تفرق بينها وبين زوجها، ذلك لولا العناية الإلهية وإرادتها، إذ تسلحت بالصبر والعمل فأفلحت في لم شمل الأسرة من جديد.

 

Email