روايته «هيبتا» طُبعت 33 مرة ويحضّر لإنتاجها درامياً

محمد صادق: أحلم أن تغيّر كتاباتي من يقرأونها

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 محمد صـــادق. أحد الروائيين الشباب الذين ظهروا وفرضوا أنفسهم بقوة على الساحة الأدبية؛ خاصة بعد أن وصلت روايته «هيبتا» إلى صدارة المبيعات ووصلت طبعاتها إلى ثلاث وثلاثين نسخة في عام واحد، كما صدرت له سابقا روايتا طه الغريب، بضع ساعات في يوم ما.

وهو يؤكد في حواره مع (بيان الكتب)، أنه يبتغي ويحلم من كتاباته، ان تكون فعليا، محفزا ومحرضا على تغيير وتطوير من يقرؤونها، تدفعـــهم الى الشعور بوجود من يشاركهم حكاياهــــم وآلامهم وآمالهم.

حققت كتاباتك شهرة واسعة. وطبعت روايتك «هيبتا» مرة. وكونك نموذجا لنجاح الروائيين الشباب. ما رأيك في رفض كثير من النقاد كتابات الشباب واعتبارها خارج نطاق الإبداع؟

لا يمكنني أن أحجر على رأي أحد، لكن في المطلق، في كل مجال هناك السيئ والجيد، وفي النهاية القارئ هو سيد الموقف..

كما أن الكتب الناجحة في وقتها هي مجرد ظاهرة، وفي النهاية الجمهور يقيم ويميز الغث من السمين، فكتاب مثل (28 حرفا) لأحمد حلمي ـ وأنا لا أنتقده هنا ـ بعد أن اشتراه الجمهور وأصبح في صدارة المبيعات، اكتشف القراء أنه ليس في مستوى ذائقتهم،..

وهو الأمر الذي سيضع حلمي تحت المقصلة إن قرر خوض تجربة مشابهة؛ لأن القراء سينصرفون عنه نظرا لتجربتهم السابقة مع كتاباته.. لذا لا يمكن قبول رأي النقاد تماما، ولا يمكن رفضه تماما، فالتعميم يفسد الأمور.

لا عودة إلى الوراء

تركـــت دراسة الهندسة وتبعت حدسك نحو الكتابة.. كيف أخذت هذا القرار؟

أنا أحد الأشخاص الذين من الأفضل ألا تتبع خطواتهم، لأن خطواتي ربما يراها البعض منتهى الحماقة والطيش، لكن كنت متأكدا من أن هذه الخطوة تناسبني برغم الاعتراضات العنيفة التي واجهتني، إذ كنت أقرأ الروايات والكتب قبل ليالي الامتحانات التي لم ألق لها بالًا طوال فترة دراستي البالغة سبع سنوات..

وعندما أخذت قرار التفرغ للكتابة كان قرارا صادما للمحيطين، بالطبع من يكبرونك يظنون دائما امتلاكهم المعرفة الكاملة، ولكن كل شخص في النهاية له تجربته المعينة، لذا عندما أخذت القرار لم أتراجع وقررت ألا أعود إلى الوراء.

مَن من الأدباء يمكن القول إنهم شكلوا النواة والقدوة لمحمد صادق؟

لم أتأثر في البداية بفطاحل الكتاب، إذ أحضرت أختي أعمال نجيب محفوظ، وعندما قرأت «ميرامار» لم أستطع أن أكلمها، وكنت لاأزال حينها في الحادية عشرة من عمري، لذا بدأت بقراءة أعمال نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق، محققًا من خلال القراءة الاستمتاع والخروج من الواقع، ثم مع التقدم في العمر، عدت إلى ما كتب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما أنني أحب مسرحيات توفيق الحكيم.

«تطهر»

لماذا لجأت إلى قتل البطل في روايتك «طه الغريب»؟

الرواية تناولت بين صفحاتها، صراع الحلم والواقع، فبقتل «طه» قتل الحلم، وكان غرضي من خلال ذلك، فكرة «التطهر» التي تخرج من القارئ كل المشاعر السيئة، ما يحفزه أن يقوم بعكس ما قام البطل، الأمر الذي يجعله يتمسك بالحلم.

33 طبعة من روايتك «هيبتا» فهل ستحول إلى عمل درامي؟

بالفعل، هناك خطوات في هذا الشأن، ووقعت العقد بالخصوص مع شركة إنتاج، لكن حتى هذه اللحظة لم يجر الاتفاق على من سيجسد هذا العمل، وأبحث عن سيناريست محترف ليصوغ العمل دراميا، كما كتبته على الورق.

لكن الرواية عبارة عن محاضرة لمدة خمس ساعات، بلا تعدد أمكنة أو أزمنة.. ألا يدعو هذا إلى القلق؟

ما تعلمته أن القلق لن يمكني من فعل أي شيء، فبعد وصول «هيبتا» الى صدارة المبيعات، وكل الآراء الإيجابية حول الرواية، ما عدت قلقا على العمل القادم .. ومن هنا يجب ألا يكون للقلق مكان في حياة الكاتب، من أجل أن يستمر عمله الإبداعي كما يحب، من دون ضغوط.

هل اقتبست الرواية من الواقع أم استخدمت الخيال؟

الرواية ليست واقعية، فلا يوجد أي محاضرة في العالم تتكلم عن الحب في العالم كله، ولكن هذا لا يمنع أن القصة تأخذ كثيرا مما يحدث في الواقع من قصص حب متكررة، ومتشابهة في الأحداث والتفاصيل.

أزمة الانتظار

هل تأخرك في إصدار روايات جديدة نابع من خوفك عدم تقبل الجمهور العمل القادم، خاصة بعد نجاح (هيبتا)؟

لست خائفًا من العمل القادم، وإلا لخفت من أن يقرأ الناس العملين السابقين عن «هيبتا»، كل ما في الأمر أنني أنتظر الوقت المناسب حتى يصبح العمل على القدر المطلوب.

لماذا تتمحور كتابتك دائمًا حول الحب؟

لأن الحب من أهم القضايا الإنسانية الموجودة، وبرغم ذلك كنت بصدد كتابة رواية بعنوان «أمنيجيا» تتمحور حول استغلال الدين للمصالح الخاصة، وتدور حول اثنين ممن يظنون أنهما يمتثلان لأمر الدين، ويظن كل منهما أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، وكتبتها قبل رواية «هيبتا» لكن لم أكملها ولن أنشرها، وفي الحقيقة لا أستطيع أن أجزم مستقبلًا إذا كنت سأستكملها أم لا.

حدث التحايل على كتاباتك وإعادة نشرها في طبعات زهيدة الثمن.. ألا تفكر في خوض تجربة الطبعات الشعبية؟

حدث هذا مع ناشر سابق، لكن عند نشر النسخة الشعبية، جرى تزوير الطبعة الأصلية أيضا، وبيعت النسخة الشعبية والنسخة المزورة معا، ولم يعد القراء يفرقون بين الإصدارين، ما أضر الناشر، فمحاربة سرقة الكتب وحقوق الملكية الفكرية لن تحل بهذه السهولة، بل تحتاج إلى جهد كبير.

وجهة نظر

هل يضايقك الهجوم على رواياتك، أو روايات «البيست سيلر» في العموم؟

لا يضايقني هذا الهجوم، كما أن هناك نقادا لهم وجهة نظرهم التي تحترم. فهم ينظرون إلى أن هناك أعمالا لا تستحق وصلت إلى قمة الإيرادات، بينما هبطت الأعمال الحقيقية، لكني أرى أن تلك الروايات هي التي جذبت شريحة كبيرة إلى القراءة، بل وعندما تحولت إلى فيلم سينمائي، جذبت جمهور التلفاز إلى قراءة تلك الأعمال.

نهاية.. ما حلم محمد صادق؟

أحلم أن يغير العمل الذي أكتبه من يقرؤونه، أو يشعرهم بإحساس جديد، ويدركون أن هناك من يشاركهم ألمهم، هذا بالنسبة لي هدفي الأصيل من الكتابة.

محاضرة عن الحب

تمثل رواية (هيبتا)، مزيجا أدبيا محكما، تناقش موضوعة الحب بمعانيه ودلالاته المتنوعة. إذ إنها تفرد مساحات رؤى وآراء متعددة في خصوصه، تتناقلها وتناقشها شخصيات من أعمار متنوعة.

ونتتبع في سيرورتها كيف يقف المحاضر «أسامة حافظ» ليلقي على الطلاب محاضرة عن الحب، يرصد من خلالها عددا من الشخصيات المبهمة: «أ، ب، ج، د» فكل منهم ينتمي إلى مرحلة عمرية معينة. ويحكي ويبحث في قصة كل منهم مع الحب.

اختيار مدروس لعنوان الرواية، فضله الروائي محمد صادق، فالـ(هيبتا) هي رقم سبعة باليونانية، وتتمثل المراحل السابقة لـ«هيبتا» (الحب): البداية واللقاء والعلاقة والإدراك والحقيقة والقرار. ونتبين معالجات ذكية جاذبة لموضوع الرواية، نلاحظ ان صادق يشير معه ومن خلال المضمون بوجهه العام، إلى مراحل انتهاء علاقة ورباط الحب بين طرفين، وهي:

الامتلاك، عدم التقدير، الاحتياج، الحِمل، الغيرة، الغيرة والشك، التطبيع، الملل. وهي أيضًا سبع مراحل.. منتقلًا في النهاية إلى مراحل تقوية العلاقة الخمس: الاحترام، الاحتواء، الصراحة، التضحيات، الصفقة.

شخصيات في شخصية

وعبر سيرورة وسرديات جميع تلك المراحل وعناوينها، يصل المحاضر، بطل رواية محمد صادق، في النهاية، إلى الحقيقة التي أراد توصيلها لبقية الطلاب، ومفادها أن كل تلك الشخصيات هي لشخص واحد، مؤكدا أننا جميعا نقع في الخطأ نفسه، طوال مراحل عمرنا، وهو فعلا ما أراد توصيله إليهم منذ البداية.

Email