بقلم : د. بسام درويش
مستشار الاعلام الصحي ، في بلسم لتعزيز الصحة
تعتبر البدانة وباء ينبغي التصدي له من خلال استراتيجية طويلة الأمد ذات أهداف واقعية قابلة للتطبيق ، وبشراكة حقيقة مع المؤسسات والهيئات والجمعيات كافة المعنية بصحة وسلامة وسعادة المجتمع.
ووفقاً لتقارير «اليونيسيف»، تقدر نسبة البدانة بين الأطفال بـ 40% من الذين تتراوح أعمارهم بين 12 – 15 سنة . وهي ترتبط بالعديد من الأمراض المزمنة والخطيرة مثل السكري والقلب والسكتة والأورام وتؤدي إلى الوفاة ، وهي تكلف الدولة والأفراد مبالغ ضخمة جداً.
ومن خلال تتبعي ومراقبتي لما تنشره وسائل الإعلام حول البدانة والحملات التي تطلقها المؤسسات الحكومية أو الخاصة ، أرى أنها في معظمها تبدأ بمؤتمر صحفي و تنتهي بتكريم المشاركين ، وهذا حق وضروري - إن كانت الحملة التي أطلقت قد حققت أهدافها- المتمثلة في تمكين الأطفال وأفراد المجتمع من التحكم بالوزن وضبطه والتقليل من نسبة البدانة وفق مخطط زمني مدروس.
ما يدفعني للتركيز على فشل معظم الحملات التي تتلوها شعارات وعبارات مثل " حارب السكري ، كافح البدانة ، توعية صحية ، وغيرها " ، هو أن معظم هذه الحملات تُطلق للترويج للمؤسسة الراعية وليس لتحقيق الهدف المتمثل في تمكين أفراد المجتمع من إمكانية إدارة شؤونهم الحياتية اليومية المتعلقة بالصحة ، أي بشكل مختصر " تعزيز الصحة " .
جميعنا يعرف أن الوجبات السريعة تضر بالصحة ، وأن التدخين يضر بالصحة ، وأن قلة الحركة تضر بالصحة ، ومع ذلك نقضي جل وقتنا في صحبة الوجبات السريعة والتدخين بأنواعه ، والجلوس ساعات طويلة دون حركة.
إذاً ؛ السؤال الذي يتطلب إجابة شافية " لماذا تفشل حملاتنا الصحية ؟".
من خلال متابعة الحملات الصحية أرى أنها مستنسخة ، وما يطلق في الصين ، يمكن أن يطلق في أي دولة ثانية ، وهي في معظمها لا تعتمد على دراسة الواقع ، ومعرفة التحديات والفرص ووضع الحلول الكفيلة بتحقيق الأهداف القابلة للتحقيق.
إضافة إلى ذلك ، فهي تطلق وأكثر من حلقة تنقصها ، مثلاً يوم أمس أعلنت " اليونيسيف " عن مشروع التثقيف الصحي للمدارس لمدة عام واحد ، دون أن يكون من بين شركائها الأساسيين البلديات والرقابة الغذائية المعنية بالأغذية وسلامتها ، والمؤسسات الإعلامية التي تلعب دو راً هاماً في إيصال هذا المشروع برسائله المتنوعة إلى كافة شرائح المجتمع ، إضافىة إلى ذلك ، فالمؤسسات الإعلامية يمكنها أن تقوم بدور إيجابي من خلال التقليل من الإعلانات الخاصة بالوجبات السريعة ، وهنا أضرب مثالاً واضحاً يتعلق ببرامج المسابقات الغنائية والمواهب الفنية "آراب ايدول" وغيره من البرامج التي ترعاها مطاعم الوجبات السريعة أو المشروبات الغازية.
ويمكن للمراكز الخاصة بالمعاقين أن تساهم أيضاً في هذا المشروع ، خصوصاً أن البدانة عند المعاقين تزيد من معاناتهم الأساسية. إضافة إلى البلديات وهيئة الطرق ومؤسسات أخرى يمكن أن تشارك في هذا المشروع ، من خلال العمل على تحويل بعض المناطق الى أماكن للعب في المناطق السكنية غير المتوفر فيها مساحة آمنة للعب .
وكذلك الحال بالنسبة للأندية الرياضية التي يمكن أن تساهم من خلال بعض الأنشطة بالتنسيق مع المدارس ، ومن خلال استقطاب المشاهير الرياضية ، والفنانين المحبوبين الذين يمكنهم أن يوصلوا الرسالة بوقت أقل وتأثير أكبر " مثال على ذلك " الفنان حسين الجسمي " الذي يمكن أن يتحدث عن حياته قبل التخلص من الوزن الزائد ، وحياته بعد التمتع بالمعدل الطبيعي للوزن.
لقد سبق أن أطلقت " اليونسيف " منذ سنوات عدة حملات في الإمارات ، ولكن هل تم الإعلان عن نتائجها ، وهل حققت أهدافها؟
أخيراً أتمنى أن تحقق هذه الحملة أهدافها ، وألا تقتصر على عقد المؤتمرالصحفي ونشر الخبر ، وحفل تكريم الشركاء أو الرعاة في نهايتها مع إضافة عبارة " الحملة حققت أهدافها" ، دون أن ندرك فعلاً ، هل حققت أهدافها في تقليل نسبة البدانة بين الصغار ، أو في الهدف الترويجي فقط للشركة الراعية .
ولنتذكر أن الصحة والسلامة هي مسؤوليتنا جميعاً وأننا كأفراد ومؤسسات وهيئات حكومية وخاصة يمكننا أن نساهم في تغيير السلوك بالاتجاه المساير للصحة ، والتمتع حينها بالصحة والسعادة للجميع.
twitter/Medicalanmedia
