نبضات

التوعية مسؤولية مشتركة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بقلم : د. بسام درويش
مستشار في الإعلام الصحي في بلسم لتعزيز الصحة

رغم أننا ندرك جميعاً أهمية التوعية الصحية في الوقاية من العديد من الأمراض ، إلا أننا لا نوليها الاهتمام الكافي ، وربما يهتم الواحد منا بسيارته أو هاتفه المتحرك أكثر من اهتمامه بصحته الجسدية والنفسية ، إذ يبادر إلى مراجعة الشركة أو أقرب ورشة تصليح للتأكد من الخلل الطارئ في الهاتف أو السيارة – ورغم أن هذا السلوك صحيح – إلا أن مثل هذا الشخص قد يعاني من ألم أو عارض ما ، ولا يراجع الطبيب إلا بعد أن يشتد الألم ويمنعه من القيام بأنشطته اليومية المعتادة .

ومن المعروف بأن التأخر في مراجعة الطبيب يؤدي إلى تفاقم المرض ، ولا شك أن التشخيص المبكر يقلل المخاطر من خلال التدخل العلاجي قبل أن يستفحل المرض ويتطور وتحدث المضاعفات التي تؤدي لمتاعب جسدية ومعاناة نفسية جراء المرض.

ولا يمكن أن تحقق التوعية الهدف المطلوب إلا بعد أن تعزز بالمعلومة المبسطة القابلة للتطبيق في سلوكنا اليومي ، وتصبح بالتالي " أسلوب حياة " ، إذ لا معنى للمعلومات التي يعطيها الطبيب للمريض عن مضار التدخين، إذا كان الطبيب في الأساس مدخناً ، أو التي يقدمها المدرس للطالب إذا كان المدرس مدخناً.

و التوعية هي مسؤوليتنا جميعاً أينما كنا ، وبغض النظر عن موقعنا في خريطة الحياة العملية والمجتمعية، وهي ليست مسؤولية الهيئات الصحية فقط، وإنما مسؤولية الهيئات التدريسية والاجتماعية والرياضية والإعلامية وغيرها من الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة.

وغالباً ما تنجح بعض المبادرات إذا ما ساهم بها الجميع ، فعلى سبيل المثال  نقول ، إن تقليل الاستهلاك اليومي من ملح الطعام يقلل من إصابة الآلاف بل عشرات الآلاف بارتفاع الضغط الدموي الشرياني وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية ، وهذا يعني أنه يقلل نسبة وفاة العديد من الأشخاص قبل الآوان ويقلل من إصابتهم بالعجز الناجم عن تلك الأمراض.

ومثل هذا الأمر يمكن أن يتم بسهولة من خلال التعاون الوثيق مع الجهة الرقابية والمنظمة لعمل الأغذية والمخابز والمطاعم ، حيث يتم تقليل نسبة إضافة ملح الطعام إلى الخبز والمعجنات والمأكولات المختلفة بما في ذلك الأطعمة الجاهزة.

و يتحقق الهدف الأمثل إذا ما تخلت العديد من العائلات عن هذا الضيف الثقيل الذي يتربع على كافة الموائد " السم الأبيض " ، أي ملح الطعام ، ولا شك أن الطفل الذي  ينشأ في بيت لا يستخدم أهله ملح الطعام سيتعود على هذه العادة السليمة ، وبالتالي يتفادى الإصابة بارتفاع الضغط الدموي الشرياني أو مضاعفاته .

كما  تساهم وسائل الاعلام في نجاح هذه المبادرة التي تحقق نتائج كبيرة ، من خلال التركيز على الفوائد الناجمة عن التقليل من استهلاك ملح الطعام ، وإيصال المعلومة بطريقة جذابة وبسيطة دون الدخول في تفاصيل تشتت انتباه المتلقي دون أن تصله الرسالة بشكل مباشر.

خلاصة القول إن تغيير السلوك لا يتم من خلال إطلاق حملة لعدة أيام أو تنظيم محاضرة وقص شريط حريري ، بل من خلال إطلاق مبادرات يشارك فيها الجميع من أفراد وهيئات من أجل تحقيق الصحة والسعادة للجميع.

Email