حرصت دولة الإمارات منذ تأسيسها على منح المرأة فرصة المُساهمة الفاعلة في هذا التأسيس. ونبع هذا الحرص من رؤية استباقية من جانب الآباء المؤسسين. واستشرفت هذه الرؤية المستقبل وأدركت أن المستقبل بمتغيراته يتحتم اضطلاع المرأة بدور فاعل وحيوي في الحياة الاقتصادية العامة. وعليه، تمخضت هذه الرؤية عن مُبادرات عديدة لتمكين المرأة اقتصادياً ومهنياً، بعضها متفرد عالمياً. فعلى سبيل المثال، تنفرد الإمارات بكونها الدولة الوحيدة على مستوى العالم وضعت «كوتا» ملزمة للمرأة في عضوية مجالس إدارات المؤسسات العامة.

وترى رغدة حمد عمران تريم، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة وعضو مجلس إدارة سيدات أعمال الإمارات، أن بيئة العمل السائدة في الإمارات تُمكّن المرأة اقتصادياً، كما تشعر بالرضا عن مستوى تمثيل المرأة في الكيانات الاقتصادية الحكومية والخاصة بالدولة.

وقالت: تؤكد الإنجازات التي حققتها الإمارات في المؤشرات التنافسية العالمية ذات الصلة حقيقة مفادها أن بيئة العمل السائدة في الدولة تُمكّن المرأة اقتصادياً. ومن أبرز هذه الإنجازات على سبيل المثل تصدر الإمارات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام الثاني على التوالي في تقرير «المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2022»، إلى جانب الريادة العالمية في مجال تحقيق التوازن بين الجنسين».

وأضافت: «تأتي هذه الإنجازات في ظل الجهود الرائدة التي تبذلها الإمارات لدعم المرأة وتمكينها في المجال الاقتصادي، حيث سعت الإمارات إلى إطلاق العديد من المبادرات والمشاريع التي تسهم في تنمية إمكانيات وقدرات المرأة الإماراتية وتعزيز دورها في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية، إلى جانب سن القوانين والتشريعات الهادفة لتحقيق المساواة بين الجنسين، وتوفير بيئة الأعمال النموذجية».

وتطرقت إلى مستوى تمثيل المرأة في الكيانات الاقتصادية الحكومية والخاصة في الوقت الراهن، فقالت: «يعتبر تمثيل المرأة في الكيانات الاقتصادية الحكومية والخاصة في الوقت الراهن تمثيلاً عالي المستوى، وتشكل دولة الإمارات نموذجاً عالمياً ملهماً على هذا الصعيد، حيث تصدرت المرأة الإماراتية قائمة أقوى 50 سيدة أعمال في منطقة الشرق الأوسط لهذا العام، هذا إلى جانب ما تؤكده الإحصائيات الواردة من وزارة الاقتصاد والتي تشير إلى أن 25 ألف سيدة أعمال يدرن استثمارات بقيمة تتجاوز 60 مليار درهم داخل الدولة، بالإضافة إلى أن نصيب المرأة العاملة في الوظائف القيادية والإشرافية بلغ 46%».

واختتمت قائلة: «إن ما حققته المرأة الإماراتية من إنجازات استثنائية على الصعيد المحلي والعالمي، هو تجسيد حقيقي لطموحها الذي لا حدود له وإرادتها القوية، وانعكاس لجهود القيادة الرشيدة التي راهنت على المرأة الإماراتية وأولتها ثقة كبيرة، دافعة بمسيرتها للأمام، مؤمنة بقدراتها وعطائها وشراكتها الأساسية في البناء والازدهار، وفي ظل النهج المستدام للدولة في دعم المرأة، فمن المؤكد أن الآفاق المستقبلية للمرأة الإماراتية هي آفاق واعدة تضمن للمرأة تحقيق أحلامها وطموحاتها وتبرز فيها كشريك أساسي في صناعة المستقبل ومساهم فاعل في تعزيز المسيرة التنموية للدولة».

مناصب

بدورها، ترى ميثاء الهاشمي، الخبيرة الإماراتية في مجال الائتمان والمخاطر المصرفية، والتي تشغل حالياً منصب رئيس إدارة الائتمان للمجموعة، لدى «مصرف أبوظبي الإسلامي»، أن المرأة الإماراتية أثبتت نجاحها في المشاركة في إرساء مستقبل اقتصاد البلاد والمجتمع عبر شغل مناصب سياسية واقتصادية مهمة.

وقالت: «حققت المرأة الإماراتية منذ قيام الاتحاد قبل خمسين عاماً، إنجازات لا حصر لها في المجالات كافة، بدءاً من التعليم ووصولاً إلى العمل في أكثر المهن صعوبة وتطلباً. إن قائمة النساء الطموحات في الدولة لا تنتهي. وقد أسهمت الرؤية الثاقبة لقيادتها الرشيدة في احتلال الإمارات المرتبة الأولى بين دول مجلس التعاون الخليجي في مجال المساواة بين الجنسين، كما ساعدت على خفض الفجوة بين الجنسين في التمثيل الحكومي».

وأضافت: «وتماشياً مع استراتيجية الحكومة الرامية إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط وتجديد الالتزام بالصناعة والتقنيات المتقدمة، بدأت المرأة الإماراتية بالتركيز على تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في التعليم العالي. إن وجود قيادة رشيدة ومتفاعلة كان له أكبر الأثر في تعزيز إمكانات المرأة الإماراتية، وإطلاق مبادرات تمكنها من تحقيق المستحيل».

وأعربت عن رضاها بشأن مستوى تمثيل المرأة في الكيانات الاقتصادية الحكومية والخاصة بالدولة، فقالت: «تعبر الأرقام عن تفوق المرأة الإماراتية في مختلف المجالات وإسهامها البارز في مسيرة تنمية الوطن، وتعكس في الوقت نفسه الإنجازات المتفردة على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية التي تحققها الإمارات في مجال تمكين المرأة. كما تؤكد إحراز الإمارات تقدماً غير مسبوق في تحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز مكانة المرأة الإماراتية، وتمكينها من المساهمة الكاملة في مسيرة الوطن بدعم من القيادة الرشيدة».

وأضافت: «هناك تمثيل قوي للمرأة في الحكومة الإماراتية، حيث تشغل المرأة 9 مقاعد وزارية وهي من أعلى المعدلات العالمية. وفي قطاعات الأعمال، سجلت المرأة حضوراً لافتاً، بعد أن بلغت نسبة الإناث 24% من إجمالي أعداد العاملين في الدولة. أما في القطاع المصرفي، فتشكل النساء اليوم ما يقارب 70% من الموظفين الإماراتيين في القطاع، وهي من أعلى النسب مقارنة بدول المنطقة. ونحن في «مصرف أبوظبي الإسلامي» بلغت نسبة المواطنات العاملات لدينا ما يفوق 70% من الموظفين الإماراتيين، مما يعكس جهود المصرف في تعزيز الدور الحیوي للمرأة الإماراتية باعتبارها ركيزة أساسية للمجتمع بعد أن أثبتت دورها في تحقيق العديد من الإنجازات والنجاحات في جميع القطاعات لا سيما القطاع المالي والمصرفي».

واختتمت: «أثبتت المرأة الإماراتية على الدوام أنها على قدر المسؤولية والتحدي، علماً وخُلقاً وكفاءة ومهنية، في مختلف مواقع المسؤولية التي تتولاها. وتظهر إنجازات المرأة الإماراتية بشكل جلي من خلال تواجدها في كافة القطاعات وإنجازاتها في مختلف المناصب من الوزيرات إلى عضوات المجلس الوطني الاتحادي، والمجالس الاستشارية المحلية، والسفيرات، والمديرات العامات، ومسؤولات الإدارات الحكومية على مختلف درجاتها، إلى الشابات اللواتي يسجلن نجاحات يومية في مختلف مجالات الإنجاز».

مساهمة

وترى بُشرى الشحي، رئيس إدارة الموارد البشرية في الإمارات، لدى «مصرف أبوظبي الإسلامي»، أن للمرأة الإماراتية مُساهمة ملموسة في الاقتصاد الوطني، فقالت: «حققت المرأة الإماراتية إنجازات كبيرة في مجال المال والأعمال وهناك إنجازات مشهودة لتمكين المرأة اقتصادياً في الإمارات، حيث إن المرأة خير شريك في دعم اقتصاد ونمو الدولة. وقدمت الإمارات العديد من المبادرات لدعم المرأة في المجال الاقتصادي وذلك من خلال تنمية الكوادر النسائية وتأهيلها لتفعيل مساهمتها في دعم المسيرة الاقتصادية».

وأضافت: «أثبتت المرأة الإماراتية مراراً بأنها قادرة على تخطي العوائق وتحقيق طموحاتها وتأدية دورها الفاعل في دعم نمو الدولة وتطورها. فمنذ الأيام الأولى لقيام الاتحاد، أدركت القيادة الرشيدة أهمية المرأة الإماراتية وقدرتها على إنجاز كل ما تطمح إليه. وقد استفادت البلاد بشكل كبير من هذا النهج، إذ أثبتت المرأة أنها على قدر المسؤولية وأظهرت قدرتها على الموازنة بين المهام الأسرية والأعباء المهنية اليومية، ليكون لها بذلك مساهمة ملموسة في دعم الاقتصاد الوطني».

وعن مستوى تمثيل المرأة في الكيانات الاقتصادية الحكومية والخاصة بالدولة، قالت: «تتوالى الإشادات والشهادات الدولية بجهود الإمارات في تمكين المرأة حيث احتلت الإمارات المراكز الأولى على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير البنك الدولي محققة العلامة الكاملة في خمسة محاور هي حرية التنقل، والعمل، والأجور، وريادة الأعمال، والمعاش التقاعدي. كما حققت الإمارات المركز الأول عربياً في ملف التوازن بين الجنسين. وحظيت المرأة الإماراتية باهتمام ورعاية ودعم مالي ومعنوي من القيادة الرشيدة استناداً إلى أُسس وأنظمة قانونية ضمنت حصولها على حقوقها كاملة».

وأضافت: «ومن الأهمية بمكان في هذا السياق الإشارة إلى وجود آليات وطنية من مؤسسات تعمل على تمكين المرأة وعلى رأسها الاتحاد النسائي العام الذي كان له الدور الأكبر منذ قيام الدولة في تذليل الصعوبات أمام نهوض وتمكين المرأة، عبر إطلاقها للبرامج والمبادرات التي أسهمت في بناء قدرات المرأة في مختلف المجالات.

وقالت: اليوم بفضل هذه الجهود بلغ التمثيل السياسي للمرأة ذروته، وحصلت المرأة الإماراتية على مكاسب وحقوق تعليمية غير مسبوقة؛ فنسبة تعليم النساء الإماراتيات هي الأعلى في العالم العربي، إضافة إلى طرقها لأبواب العمل الدبلوماسي في الخارج بدخولها إلى وزارة الخارجية ونجاحها في الوصول إلى منصب وزير».

وتحدثت الشحي عن دور القوانين والأطُر التشريعية المطبقة في الإمارات في التمكين الاقتصادي للمرأة، فقالت: «سجلت الدولة مساراً متفرداً ومنقطع النظير، في تمكين المرأة الإماراتية وإتاحة كل الفرص أمامها، لكي تقوم بدورها الوطني والسياسي والاجتماعي على أكمل وجه. والإمارات هي الدولة الوحيدة التي وضعت كوتا ملزمة للمرأة الإماراتية في عضوية مجالس إدارات المؤسسات العامة، وهذا في حد ذاته إنجاز في تعزيز فرص النساء الإماراتيات في الريادة والقيادة».

واختتمت قائلة: «وفي المقابل وإزاء الجهود الرسمية المشكورة لتمكين المرأة، لا بد لنا من الاعتراف بالجهود الجبارة التي بذلتها المرأة الإماراتية لكي تثبت جدارتها، فالواقع أن المرأة الإماراتية لم تصل إلى ما وصلت إليه بقرارات عليا فقط، ولكنها لاقت هذه القرارات العليا في منتصف الطريق، بالعزيمة والإصرار على النجاح والتميز».

مكانة

وترى ريم الصايغ، شريكة في الشؤون المصرفية لدى «لينكليترز» للاستشارات القانونية والخدمات المهنية أن المرأة الإماراتية حققت مكانة مرموقة فيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي. وقالت: «شهدت المرأة الإماراتية في العشرين عاماً الماضية تقدماً كبيراً وجوهرياً في شتى المجالات، كما حققت مكانة مرموقة جداً فيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي. ورغم ذلك إلا أن الطريق لايزال طويلاً أمامنا كنساء إماراتيات. لقد خلقت جائحة «كوفيد-19» فرصة فريدة لنا لتبني طرق جديدة للعمل، كما يتضح من تقبل الناس للعمل عن بعد وأنظمة العمل المرن والدوام الجزئي. إذ ساهم هذا في دعم عمل المرأة وتمكينها وإتاحة طرق أكثر تنوعاً لتواجدها في سوق العمل. وبالإضافة إلى أنظمة العمل المرنة المستحدثة، فإن توجه التركيز نحو أهمية الجودة والإنتاجية في العمل بدلاً من التواجد الشخصي هو عنصر أساسي لترسيخ مبدأ الشمولية في السياق المهني بما يتجاوز قضية الجنس وحسب».

وتطرّقت إلى مستويات تمثيل المرأة في في الكيانات الاقتصادية الحكومية والخاصة بالدولة، وقالت: «إذا قارنا تمثيل المرأة في الهيئات الحكومية الإماراتية مع الدول الأخرى، فسترى أننا متفوقون بشكل واضح. وعندما ننظر في عدد الوزيرات في حكومة دولة الإمارات والتمثيل النسائي في الإدارة العليا في بعض أكبر الشركات، يمكننا أن نرى أننا نقوم بعمل جيد للغاية».

واختتمت الصايغ بقولها: «السماء هي الحد عندما نتحدث عن الآفاق المستقبلية وأعتقد أن احتمالات النجاح للمرأة الإماراتية لا حصر لها. إنني أرى أن تحديد الآفاق المستقبلية أمام نجاح المرأة الإماراتية يحد من إمكاناتها. نحن في وقت يدفع للتفكير في المستقبل واتخاذ خطوات فاعلة وملموسة لمستقبل أكثر توازناً وشمولية على أرض الواقع».

تشريع وقوانين

تطرقت ميثاء الهاشمي إلى مُساهمة القوانين والأطُر التشريعية المطبقة في الإمارات فيما يتعلق بعمل المرأة وتمكينها اقتصادياً، في نجاح المرأة في مجال العمل الاقتصادي بالدولة، فقالت: «حققت جهود الإمارات مكاسب عديدة فيما يخص تمكين المرأة، والتي تشمل تبنّي توجهات حكومية تطويرية على المستويات التشريعية والمؤسسية والاستراتيجية.

وأضافت: وقطعت دولة الإمارات شوطاً كبيراً في مجال تمكين المرأة، فعلى الصعيد التشريعي اعتمدت الدولة العديد من التعديلات التي طرأت على التشريعات الوطنية التي تصب في مجال تعزيز وحماية حقوق المرأة شملت قوانين العقوبات والإجراءات الجزائية والمعاملات المدنية والأحوال الشخصية والعمل، كما اعتمدت الإمارات استراتيجية تمكين المرأة وريادتها والتي توفر إطاراً مرجعياً واسترشادياً لكل المؤسسات المحلية والاتحادية ومؤسسات المجتمع المدني في مجال وضع خطط وبرامج تمكين المرأة».