سلط تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات، وحصلت «البيان» على نسخة منه، الضوء على المبادئ التوجيهية لأولياء الأمور بشأن حماية الطفل على الإنترنت لعام 2020، تركزت في سبع خطوات أساسية لضبط استخدام الأطفال لـ«التواصل الاجتماعي»، وتتمثل في: وضع أسس واضحة في كيفية استخدام الأطفال مواقع التواصل الاجتماعي، ووضع ضوابط واضحة للمحتوى بما يتوافق مع القيم والدين والعادات، وأن يكون الوالدان قدوة حسنة لأبنائهما من خلال دعمهم ومتابعتهم الدائمة ليكون المحتوى المقدم هادفاً، وأن يكون الحوار الدائم بين الطفل ووالديه يسهم في الكشف المبكر عن علامات التنمر الإلكتروني، وتثقيف الوالدين لأبنائهما حول مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، واكتشاف مواهب الطفل لشغله ذهنياً وحركياً بما هو مفيد، وأخيراً؛ دعم الطفل وحثه على تطوير مهاراته ودخوله لبرامج تدريبية ليكون مؤهلاً للبيئة الافتراضية.
كما نَص أحد المبادئ المعنونة بمسمى «القدوة الرقمية»، على أن يكون الوالدان أسوة حسنة لأطفالهما، والتأكيد على تبني سلوكيات صحيحة أثناء استخدامهم لمواقع التواصل، وصادف نشر هذا التقرير رصد «البيان» لتعرض العديد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي من الأطفال «للتنمر الإلكتروني»، يهاجمون ويتم وصفهم بألفاظ قاسية، غير مبالين أن ذاك المحتوى، يتم نشره دون وعي تام منهم.. بمباركة من ذويهم، لاسيما من يدفعون أطفالهم لتقديم تحديات غريبة، أو التشجيع على الكذب، أو التحدث بمواضيع أكبر من سنهم، بحيث يتجردون به من ثوابت المجتمع والقيم والتقاليد..!
«البيان» التقت خبراء نفسيين واجتماعيين وقانونيين لسبر هذا الموضوع، والوقوف على الحلول الناجعة التي من شأنها خلق بيئة افتراضية صحية للأطفال.
قدوة
من جهتها، أكدت منيرة الكيومي، خبيرة نفسية في مؤسسة التنمية الأسرية، أنه في حديثنا عن القدوة الرقمية وأثر الشهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال من المهم التطرق إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن يكون الوالدان وأولياء الأمور على وعي كافٍ بآثار الشهرة وأبعادها على الطفل، حيث إن بدايات شهرة الطفل وفي مرحلة مبكرة من حياته قد تكون هناك مشاعر إيجابية وسعيدة إلا أن هذه الوسائل ستكون تدريجياً مصدراً قوياً ومؤثراً على ثقة الطفل بنفسه، وذلك يستمد من خلال المشاهدات وعدد المتابعين، والتعليقات، إلا أن هناك أموراً من المهم الانتباه لها في ردود البعض السلبية والتعليقات الجارحة، إضافة إلى حرمان الطفل من الخصوصية مما يترتب عليه آثار نفسية سلبية، وفي المراحل المبكرة من عمر الطفل تزداد رغبته في الشهرة بزيادة عدد المتابعين، وأثناء ذلك قد يمتثل للبعض في تقديمه لمحتوى غير لائق ويمتثل رغبة في رضا المتابعين وزيادة المشاهدات، وفي كثير من الأحيان قد يتعرض الطفل إلى الرفض والانتقاد في وسائل التواصل الاجتماعي والاستهزاء مما يترتب عليه آثار سلبية في تدني ثقته بنفسه ونظرته الدونية لذاته مما ينعكس سلباً على نشاطه وأدائه وسلوكياته.
وأضافت: حقيقة نحن لا يمكن أن نربي أبناءنا في معزل عن التقدم الرقمي والتكنولوجي، ولكن يمكننا توظيف هذه الوسائل بطريقة صحيحة من حيث تشجيع الطفل على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للطرح المفيد والتعلم، والتعاون مع أصدقائه.
خفايا
من جانبها، أكدت الدكتورة بنة بوزبون، خبيرة نفسية اجتماعية في مؤسسة التنمية الأسرية، أن الشهرة لها تبعات نفسية واجتماعية، والطفل يراها من جانبها المشرق ويجهل خفاياها، ولابد من إعدادهم أنه مهما كان المحتوى الذي قد يقدمه الطفل، فإن في بعض جوانبه قد يتعرض للتنمر، ويبقى السؤال هنا، كيف أعد هذا الطفل لكل هذه التحديات؟
وأوضحت أن هناك قواعد مهمة لابد لأولياء الأمور اتباعها فيما يتعلق بشهرة الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي، معرفة العمر العقلي للطفل، العلاقة الوطيدة بين الوالدين والطفل، التواصل الفعّال المستمر مع الأبناء، معرفة طبيعة الشخصية ونقاط القوة والضعف فيها، خلق علاقة مفتوحة مع الطفل، تعريفهم بالقواعد العمرية والأخلاقية الخاصة باستخدام الإنترنت لحمايتهم من التهديد ووقوعهم في المخاطر والمحظور، حيث من المهم في هذه المرحلة أن يكون الأب والأم قدوة لذويهم في الاستعمال الواعي لوسائل التواصل وتقديم المحتوى الهادف، وهذه العلاقة ستساعد الوالدين أيضاً في الكشف المبكر عن علامات التنمر الإلكتروني، وفهم لغة الجسد عند أطفالهم، وملاحظة الحس المشوش والتحصيل الأكاديمي والعنف والإضراب عن الكلام وصولاً للاكتئاب، وقد يصبح متنمراً إلكترونياً هو أيضاً، فيتنمر على غيره.
تدريب
وتساءلت الدكتورة بنة: الأطفال دون 13 عاماً، قد ينقصهم التفكير المنطقي والمجرد في التعامل مع المواد التي يدرجونها في الافتراضي، فكيف يقذف بهم الوالدان في قعر هذا الفضاء اللامتناهي، بلا خبرة وبلا قدرة على الحكم بين ما هو صواب أو خطأ؟... والحل هنا يكمن في تدريب الطفل من خلال التدريب على الكلام والإلقاء ودخوله لبرامج تدريبية، تساعد الطفل في تقديم محتوى مناسب بممكنات عالية.
وعي
كما سلط الدكتور عادل أحمد كراني، استشاري طب نفسي، الضوء على وعي المتابعين اليوم، الذين يدركون تماماً أن المتابعة لهؤلاء الأطفال تعني ثروة باهظة للوالدين، وأموالاً وشهرة، لذلك يبدأ موضوع الحسد الاجتماعي، فتتحول المتابعة بغرض التسلية إلى متابعة مترصدة يستخدم بها المتابعون الألفاظ النابية غير المسؤولة وتحطيم الطفل مباشرة، لاسيما حينما يستعرض الطفل ما يمتلكه أو ما يصل إليه من هدايا باهظة، وهذه مسألة غاية في الأهمية، ومهما فعلنا يستطيع الطفل أن يرى هذه التعليقات ويعيها، فيبدأ التأثير السلبي العميق على هذا الطفل، فهؤلاء الأطفال لن يكون لديهم طفولة أو مراهقة صحية، حيث إن الكثير من مشاهير الأطفال في بعض الدول، رفعت عليهم قضايا متنوعة من الإدمان والمخدرات وغيرها في سن المراهقة والشباب، ففي مقياس المشكلات النفسية التي حدثت لبعض الرياضيين أو المغنيين أو الممثلين الذين اضطروا إلى القيام بما لم يقتنعوا به بغرض إرضاء ذويهم، لجأوا إلى الانتحار أو إيذاء النفس، وثمة نقطة مهمة تتمثل أن مدخول هذا الطفل لا يكون له، بل لوالديه.
وحول التصدي لظاهرة التنمر الإلكتروني للأطفال، أكد قانونيون أن التنمر الإلكتروني مجموعة من الأفعال تستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات لدعم سلوك متعمد ومتكرر وعدائي، من قبل فرد أو مجموعة، والتي تهدف إلى إيذاء شخص أو أشخاص آخرين أو دول.
احترام
تنص المادة (5) من قانون حقوق الطفل (وديمة) الذي أصدره صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2016، على احترام خصوصية الطفل وفقاً للنظام العام والآداب العامة، فيما نصت المادة (33) على عدم استغلال الطفل بأي شكلٍ من الأشكال، ومن ذلك تعريضه للتسوّل أو استغلاله اقتصادياً.
