كانت بدلات الفضاء السينمائية – بجمالها الأنيق وتفاصيلها المذهلة – مجرد أيقونات للخيال العلمي. اليوم، لم تعد هذه البدلات مجرد صور على الشاشة الكبيرة. فقد أصبحت تصاميم أفلام مثل «أشعة الشمس» و«الأرض المتجولة» مصدراً ريادياً لإلهام المصممين والمهندسين في وكالات الفضاء الحقيقية، في خطوة تهدف إلى دمج الجماليات المستقبلية مع الواقعية التكنولوجية.

يبدو أن العالم الحقيقي قد تجاوز مرحلة الاكتفاء بالبدلات الضخمة والمقيدة، متجهاً نحو رؤية تحقق التوازن بين كفاءة الأداء والإبداع البصري الذي «يخرج وكأنه من أفلام الخيال العلمي».

الهروب من الضخامة

لطالما صُوِّرت بدلات رواد الفضاء في العالم الحقيقي على أنها عملية بالكامل ولكنها تفتقر إلى الأناقة، إلا أن التطورات التكنولوجية الأخيرة تُقربنا من الرؤية السينمائية. هذه الحركة لا تتعلق بالشكل فقط، بل بالضغط على الابتكارات الحالية لدفع حدود ما هو ممكن.

جمالية المستقبل: يثير نجاح التصاميم السينمائية تساؤلات حول إمكانية دمج المواد المتقدمة والأنظمة المعيارية لإنشاء بدلات خفيفة الوزن وأكثر مرونة، دون التضحية بالحماية.

يقدم فيلم «أشعة الشمس» لعام 2007 نموذجاً ملهماً لما يُعرف باسم «الواقعية المستقبلية». وقد تميزت بدلات طاقم «إيكاروس 2» بعناصر تصميم يمكن تتبعها مباشرة إلى التكنولوجيا الحقيقية:

الخوذة المطلية بالذهب

اعتمد الفيلم على أقنعة ذهبية سميكة ودروع إشعاعية، وهي مستوحاة بشكل مباشر من أقنعة ناسا المضادة للإشعاع، لكن بتصميم جمالي أخاذ. وتعاونت مصممة الأزياء سيان جينكينز مع خبراء في مجال الطيران والفضاء لضمان أن تكون البدلات ذات مصداقية عالية، مع طبقات دروع وعناصر تصميم مدروسة تعكس التزام الفيلم بالواقعية العلمية.

يُعد فيلم «الأرض المتجولة» الصيني (2019) دليلاً على قوة التصميم الدقيق في الخيال العلمي، حيث سعى لإظهار بدلات فضاء واقعية ومقنعة على نحو غير مسبوق:تولت ورشة ويتا النيوزيلندية، وهي الفريق الذي يقف وراء إبداعات مثل «أفاتار»، مهمة تصميم البدلات، التي خضعت لمئات التعديلات لضمان فعاليتها وجمالها البصري.

التخصيص حسب الدور

تم تصميم البدلات لتتناسب مع أدوار الشخصيات المختلفة؛ فالمهندسون والجنود والمدنيون يرتدون أشكالاً فريدة. وهي تتميز بأنظمة دعم حياة معيارية وخوذات شفافة، محققة توازناً دقيقاً بين الجماليات المستقبلية والواقعية العملية.

لم يعد الخيال العلمي مجرد ترف ترفيهي، بل تحول إلى مختبر تصميم افتراضي لوكالات الفضاء. فبينما تقترب ناسا وشركات الفضاء الخاصة من إرسال البشر إلى المريخ والقمر، فإن تصاميم الأفلام توفر خارطة طريق لدمج الأداء الفائق مع تصميمات تلهم العالم، مؤكدة أن بدلات رواد الفضاء في المستقبل القريب قد تبدو حقاً وكأنها خرجت للتو من أفلام الخيال العلمي.