كشفت مدونة الرياضيات والعلوم بالجامعة الأمريكية العامة عن تطورات بحثية مذهلة من شأنها أن تسرع عملية غزو الفضاء ومزيداً من الاستكشافات بواسطة الذكاء الاصطناعي، وصولاً لمستقبل تُسيّر فيه أجهزة الكمبيوتر المدارة بالذكاء الاصطناعي مركبات فضائية وتستكشف الفضاء، وكيفية الحفاظ على هذه التطورات المذهلة لتكون في خدمة البشرية بأكملها وألا تكون حصراً على أجيال وشعوب بعينها ومستشهداً بمراحل تطور الذكاء الصناعي «الفضائي»، وكيفية التعاطي بلغة علمية مع نجاحاته.

تجارب متواصلة

وتعد الدراسة استكمالاً لتجارب سابقة تكللت بإطلاق سبيس إكس قمراً صناعياً مزوداً بتقنية الذكاء الاصطناعي، في عام 2023، التي تُمكّن من الملاحة الذاتية، ممثلة بذلك خطوة مهمة في استخدام الذكاء الاصطناعي في الفضاء.

تمكن هذه التقنية المركبات الفضائية من المشاركة في مهمات الفضاء العميق، وتظهر التآزر المتنامي بين الذكاء الاصطناعي والتعليم والدراسات القانونية ودراسات الفضاء.

إمكانات أسطورية

في حين أُثيرت حماسة كبيرة بشأن الإمكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي والفضاء، يجب على المعلمين أيضاً إدراك المخاطر التي تشكلها التقنيات والاتجاهات الناشئة، هناك حاجة لسد الفجوة الرقمية المتزايدة التي قد تلحق الضرر بالأوساط الأكاديمية وتحرم الناس العاديين حول العالم من فوائد استكشاف الفضاء والذكاء الاصطناعي، حيث يتضمن الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الأدوات التكنولوجية، مثل التعلم الآلي (ML)، التي تسعى إلى محاكاة الوظائف البشرية التي كانت تتطلب إدراكاً بشرياً في الماضي، وتشمل هذه الوظائف:

حل المشكلات

تعلُّم الاستدلال

فهم اللغة البشرية والتواصل بها

قرن من التجارب

يتطلب شرح كيفية محاكاة تقنيات الذكاء الاصطناعي للوظائف الإدراكية البشرية فهماً لما يقارب قرناً من التجارب في نماذج التعلم الآلي والتعلم العميق، ومع ذلك من المؤكد أن الذكاء الاصطناعي قادر الآن على إنجاز مهام معقدة.

يحاكي الذكاء الاصطناعي الذكاء البشري في نواحٍ عدة، على سبيل المثال في الماضي كان العالم الذي يرغب في تحليل البيانات يحتاج إلى فريق من العلماء الآخرين لمعالجة الأرقام، وهو ما كان يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين.

ومع ذلك تتوفر الآن أدوات ذكاء اصطناعي تمكن العلماء من تحليل كميات هائلة من البيانات في ثوانٍ وتقديم تفسيرات لها. على سبيل المثال، استخدم المركز الألماني للفضاء الذكاء الاصطناعي لأداء مهام معقدة مثل تحليل مسارات الإطلاق. ونتيجة لذلك وفّر الذكاء الاصطناعي وقتاً وجهداً كبيرين للبشر.

ثورة في الاستكشاف والبحث

أحدث استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ثورة في مختلف مجالات العلوم، بما في ذلك استكشاف الفضاء، بدءاً من أبحاث الأجرام السماوية على الأرض، ووصولاً إلى تخطيط البعثات الفضائية.

تتقاطع دراسات الفضاء مع الدراسات القانونية بشكل كبير، فالصناعات المرتبطة باستكشاف الفضاء، بما في ذلك أنظمة الأقمار الصناعية والفضاء الجوي، تُقدر قيمتها بالمليارات.

ومع توقعات نمو هذه القطاعات إلى صناعات تقدر بتريليونات الدولارات في وقت لاحق من هذا القرن، فإن الحاجة إلى أطر قانونية معقدة تصبح ضرورية لتنظيم صناعة الفضاء ودور الذكاء الاصطناعي داخلها.

يستخدم علماء الفلك الذكاء الاصطناعي لتحليل ملاحظاتهم وتحديد التغيرات والأنماط في بيئة الفضاء واستخدم العلماء أيضاً الذكاء الاصطناعي كأداة لفهم تغير المناخ ومكافحته. على سبيل المثال، يُحلل العلماء حالياً بيانات الفضاء من صور الأقمار الصناعية لرصد التغيرات في أنماط الطقس وتقييم أثر تغير المناخ على المجتمعات الساحلية في البلدان النامية.

وبالمثل استخدم علماء الفلك الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة لتفسير المعلومات التي تجمعها التلسكوبات، ما أتاح فهماً أعمق للكون. على سبيل المثال، استُخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد الكواكب الخارجية المرشحة.

استُخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً لمعالجة مجموعات بيانات ضخمة. على سبيل المثال، يتطلب التنبؤ بالطقس تحليل كميات هائلة من البيانات المتعلقة بدرجة الحرارة وهطول الأمطار والضغط الجوي وقياسات أخرى.

تُعد هذه المعلومات أساسية للتنبؤ بأنماط الطقس، ورصد الظروف البيئية المتغيرة، وتقديم تحذيرات للأشخاص الذين قد يتأثرون بالظواهر الجوية كالأمطار الغزيرة والفيضانات.

تجنب المخاطر

في الماضي كانت مهمات إطلاق الأقمار الصناعية تتطلب غالباً من الطيارين التعامل مع مواقف بالغة الخطورة أثناء الإطلاق والعودة، أما الآن فبإمكان الأقمار الصناعية تجنب الحطام الفضائي والمخاطر الأخرى في الفضاء بفضل قدرة الذكاء الاصطناعي على استخدام أجهزة الاستشعار لتقييم ما إذا كانت الأجسام تشكل تهديداً.

تلعب تقنية الذكاء الاصطناعي أيضاً دوراً بالغ الأهمية في استكشاف القمر والكواكب الأخرى. أصبحت مهمات الفضاء العميق ممكنة الآن بفضل قدرة أدوات الملاحة الذاتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على محاكاة مهارات اتخاذ القرار التي كانت لدى الطيارين البشر سابقاً.

اليوم يُمهّد دور الذكاء الاصطناعي في البعثات الفضائية الطريق لاستكشاف أعمق للمريخ والزهرة والكواكب الأخرى. يستطيع الذكاء الاصطناعي على متن المركبة محاكاة تصرفات الطيارين، ما يُتيح القيام بمهام كانت في السابق بعيدة المنال.

وبالمثل يُمكن لمحطات الفضاء المجهزة بالذكاء الاصطناعي إجراء أبحاث ومهام فضائية دون الحاجة إلى رواد فضاء بشريين، كما ستتيح أجهزة الذكاء الاصطناعي للباحثين على الأرض إجراء مشاريع بحثية على الكواكب البعيدة.

اللاعبون الرئيسيون

في حين احتكرت الحكومات والهيئات الحكومية، مثل الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، استكشاف الفضاء في الماضي، أصبحت الشركات الخاصة لاعباً رئيسياً فيه، ومن بين هذه الشركات شركة سبيس إكس التابعة لإيلون ماسك، وشركة بلو أوريجين التابعة لجيف بيزوس، وشركات مماثلة.

باستخدام أنظمة وأدوات الذكاء الاصطناعي، خفضت هذه الشركات الخاصة تكلفة إطلاق الأقمار الصناعية بسرعة، وقد أدى هذا الانخفاض في التكاليف إلى تكافؤ الفرص في مجال الفضاء، وسمح بظهور المزيد من اللاعبين والمنافسة في استكشاف الفضاء.

دراسات الفضاء والتعليم

غالباً ما يُنظر إلى التطورات في استكشاف الفضاء والذكاء الاصطناعي والتعليم على أنها قضايا منفصلة وغير مترابطة. ومع ذلك، فإن هذه المجالات أكثر ترابطاً مما تبدو عليه، حيث يُشكل كل منها الآخر بطرق قد لا تكون واضحة دائماً، ولكنها مؤثرة بلا شك.

ترتبط الدراسات القانونية ودراسات الفضاء، لأن الأنشطة في الفضاء تثير مجموعة من القضايا القانونية والأخلاقية التي يتناولها النظام القانوني.

إن الخيارات التي يتخذها المعلمون ورواد الفضاء ومبتكرو التكنولوجيا اليوم جزء من قصة أكبر. قراراتهم هي لبنات بناء المستقبل، وستحدد الفرص والتحديات التي تواجهها الأجيال القادمة، والتي تتطلب إطاراً قانونياً وأخلاقياً.