يشهد مجال التواصل المباشر بين الدماغ والآلة نقلة نوعية، حيث يتجه الباحثون بعيداً عن الغرسات الجراحية المعقدة والمحفوفة بالمخاطر. التركيز الآن على تطوير واجهات عصبية غير جراحية، تهدف إلى قراءة النشاط الكهربائي للدماغ وترجمته إلى أوامر رقمية بشكل فوري، ما يمثل حلاً أكثر أماناً وإتاحة لملايين المرضى.

هذه التكنولوجيا الجديدة، التي قد تأتي على شكل «خوذة» أو جهاز يُلبس على الرأس، تَعِد بتمكين المصابين بالشلل أو متلازمة الانغلاق من استعادة قدرتهم على التواصل والتحكم في محيطهم بمجرد التفكير.

تعتمد أشهر تقنيات واجهات الدماغ والآلة حالياً (مثل غرسات على جراحة دقيقة لزرع شرائح وأسلاك داخل القشرة الدماغية. أما الحلول غير الجراحية فتلغي هذا الإجراء بالكامل والتخلص من الجراحة يعني القضاء على مخاطر العدوى، والنزيف، وتلف الأنسجة المرتبطة بالإجراءات الغزوية، مما يسرع من إمكانية طرح التكنولوجيا للاستخدام العام.

يصبح الجهاز سهل الاستخدام والتركيب ما يجعله متاحاً للاستخدام في المنازل والمستشفيات بتكاليف أقل بكثير، مقارنة بالغرسات التي تتطلب فرقاً جراحية متخصصة.

تعتمد هذه الأنظمة غير الجراحية غالباً على أجهزة تخطيط أمواج الدماغ فائقة الحساسية، أو تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي القريب من الأشعة تحت الحمراء. تستخدم هذه التقنيات خوارزميات الذكاء الاصطناعي لفلترة الإشارات الدماغية الضعيفة وترجمتها إلى أوامر دقيقة.

تطبيقات تتجاوز التواصل

إن القدرة على «القراءة الفورية» للدماغ دون جراحة تفتح الباب أمام تطبيقات واسعة النطاق حيث يمكن للمرضى الذين فقدوا القدرة على الكلام (نتيجة السكتات الدماغية أو التصلب الجانبي الضموري) تشكيل الكلمات في أذهانهم ليقوم الجهاز بترجمتها إلى نص مكتوب أو صوت رقمي. كما يمكن للمستخدمين التحكم في الأطراف الصناعية المعقدة أو حتى الروبوتات المساعدة في المنزل بمجرد التفكير، مما يعيد الاستقلالية الحركية.

في المستقبل القريب، قد تُستخدم هذه الواجهات في بيئات الواقع الافتراضي والألعاب لتمكين المستخدمين من التفاعل مع العالم الرقمي بأفكارهم مباشرة.

الإشارات الدماغية التي يتم التقاطها عبر فروة الرأس تكون أضعف وأكثر تشويشاً بكثير من تلك التي تُقاس مباشرة من داخل الدماغ. يعمل الباحثون على استخدام الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم العميق لتحسين دقة الترجمة وتقليل معدل الخطأ.

مع استمرار الاختبارات السريرية، يرى الباحثون أن الواجهات العصبية غير الجراحية هي مستقبل واعد لدمج الإنسان بالآلة. إنها تمثل نقلة نحو توفير حلول تكنولوجية رائدة دون تعريض المريض لمخاطر العمليات الجراحية، مما يحقق التوازن بين الابتكار والسلامة البشرية.