بات عدم معرفة كيفية التعامل مع تقنيات ومنصات الذكاء الاصطناعي بمثابة أمية تكنولوجية أو العيش خارج منظمة القرن الحالي قرن التكنولوجيا التولدية والسوشيال ميديا، وهو ما دعا شركتي «إنفيديا» و«كاسافا» للتعاون لأجل «محو أمية» الذكاء الاصطناعي في أفريقيا عبر صفقة ثنائية بقيمة 700 مليون دولار أمريكي لإطلاق أول مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، ما يعيد تشكيل البنية التحتية والوصول والاستثمار التكنولوجي الخاص.
مركز بيانات الذكاء الاصطناعي
تهدف هذه الشراكة إلى تطوير أول مركز بيانات للذكاء الاصطناعي في أفريقيا باستخدام أجهزة الكمبيوتر العملاقة والرقائق عالية الأداء من هواوي، ما يضع أهدافاً جديدة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في القارة.
طريق الحرير الرقمي
وعلى النقيض من المبادرات التي تقودها الصين في إطار مشاريع مثل طريق الحرير الرقمي، فإن هذا النهج يقوده القطاع الخاص، ويؤكد على التحول في استراتيجيات الاستثمار الغربية نحو البنية التحتية التكنولوجية في أفريقيا.
ويقول إريك أوموروجييفا، ممثل معهد نيو لاينز الذي يقع مقره في الولايات المتحدة: «لا يقترب سوى عدد قليل من الشركات من هيمنة إنفيديا في قطاع الذكاء الاصطناعي بسبب تقدمها في وحدات معالجة الرسومات».
معالجة الرسوميات العالمية
«تمتلك شركة Nvidia حصة 93% في سوق وحدات معالجة الرسوميات العالمية وهي الشركة المبتكرة لمعظم الرقائق المتقدمة المطلوبة لتشغيل أفضل الأنظمة في جميع أنحاء العالم». ويقدم هذا الحضور فرصاً فريدة للشركات الناشئة في أفريقيا، حيث كان الوصول إلى هذه الفرص محدوداً تقليدياً بسبب التكلفة والتوافر.
ابتكارات عالمية
وبحسب بحث أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن 5% فقط من المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي في أفريقيا لديهم القدرة الحاسوبية اللازمة لتحقيق اختراقات في مجال ابتكار الذكاء الاصطناعي.
في هذه المجموعة المحدودة، يعمل جزء صغير فقط من خلال الوصول المحلي إلى وحدات معالجة الرسومات، بينما يقتصر الآخرون على ميزانيات السحابة التي تصل إلى 1000 دولار أمريكي شهرياً.
مصانع الذكاء الاصطناعي
تعد شركة إنفيديا، بقيادة جينسن هوانغ، رائدة في توفير هذه البنية التحتية. وبالشراكة مع كاسافا تكنولوجيز، تهدف الشركة العملاقة إلى تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في جميع أنحاء أفريقيا من خلال مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المعروفة باسم مصانع الذكاء الاصطناعي.
ويقول إريك: «توفر هذه المصانع العديد من المزايا للشركات، بما في ذلك تحسين أداء النظام، وقابلية التوسع لمواكبة أحمال العمل المتزايدة، والقدرة الحاسمة على تحويل البيانات الخام إلى معلومات استخباراتية قابلة للتنفيذ يمكنها توليد الإيرادات»، مؤكداً على الفوائد المحتملة للإيرادات والأداء للشركات الأفريقية.
الانتشار الاستراتيجي
وبالتزامن مع التقدم التكنولوجي، تم توقيع مذكرة تفاهم مع جمعية الذكاء الاصطناعي في جنوب أفريقيا بهدف توسيع نطاق الوصول إلى وحدات معالجة الرسوميات إلى أكثر من 3000 متخصص في الذكاء الاصطناعي، ما يعزز رأس المال البشري إلى جانب الأصول التكنولوجية.
12 ألف وحدة معالجة رسومية
ومن المقرر أن يتوسع هذا المشروع خلال السنوات القليلة المقبلة بإضافة 12 ألف وحدة معالجة رسومية إضافية موزعة على مرافق في مصر ونيجيريا وكينيا والمغرب، وتم تصميم هذا المشروع لتسريع الابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي عبر قطاعات متنوعة مثل الرعاية الصحية والزراعة والتكنولوجيا المالية، وهو أمر حيوي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
معاناة أفريقيا
يقول زياد سليمان، الرئيس التنفيذي لشركة Cassava Technologies: «لقد عانت أفريقيا تاريخياً من الحصول على تكنولوجيا من الدرجة الثانية»، معرباً عن تصميمه على الاستفادة من شراكة Nvidia لتغيير هذه الديناميكية.
ويأتي هذا التحالف في ظل المنافسة الجيوسياسية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، حيث يتنافس البلدان على النفوذ من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية.
نماذج تنافسية
في حين تقدم الصين نماذج ذكاء اصطناعي تنافسية من حيث التكلفة مثل DeepSeek R1 وQwen من Alibaba، تحتفظ الشركات الأمريكية بميزة الوصول الحصري إلى مكونات الذكاء الاصطناعي عالية الجودة مثل وحدات معالجة الرسومات والرقائق من Nvidia، والتي يعتقد إريك أنها «ستطلق العنان لإمكانات أنظمة الذكاء الاصطناعي الأفريقية الأصلية».
الدبلوماسية التجارية
وفي هذا السياق، اعتمدت الولايات المتحدة نهج «الدبلوماسية التجارية» الذي يستهدف أفريقيا، فتحولت من المساعدات التقليدية إلى تعزيز التجارة والاستثمارات الخاصة المباشرة، ما يشير إلى تحول استراتيجي في العلاقات الدولية. بحسب «AI Magazine».
